حياة الخلاء

حياة الخلاء

مقدمة :
حياة الخلاء تعنى الطبيعة بكل ما تحتويه من موجودات سواء كانت كائنات حية أو جماد ، نشاهد فيها ونلمس قدرة الخالق سبحانه وتعالى متمثلة في الأرض وما عليها من جبال وسهول ووديان وما فيها من بحار وانهار ، وما يعيش عليها من إنسان أو حيوان ونبات .
ومتمثلة أيضا في السماء وما فيها من كواكب ونجوم وشمس وقمر .
• هي الحياة في أماكن لم تمسها يد الإنسان بالتعمير أو التغيير ولقد اتخذت الحركة الكشفية منذ نشأتها من حياة الخلاء الفطرة السليمة . البعيدة عن زخرف المدينة الزائف .
• هي عالم العقل الواعي والفكر المستنير والقيم الروحية ، يتعلم فيها الفتى كل مقومات الحياة على أسس واقعية ومبادئ سليمة .

أهمية حياة الخلاء بالنسبة للحركة الكشفية :
تتميز الحركة الكشفية بنشاطاتها الشاملة المتعددة ( حركية كانت أو أكاديمية ) حيث تتضمن مناهجها كل ما يتعلق بالجوانب الشخصية والثقافية والروحية والبدنية لتحقق في تكامل النمو المتزامن للفتى الكشاف .
إن مجتمعها الحالي أو كما يسمونه ( المجتمع العصري ) غزته الآلة والتقنية المتقدمة المتطورة وأسهمت إلى حد كبير في تقليل التعبير الحركي في حياة الإنسان حتى لقد أصبح عبدا للآلة ، أسيرا لها ، فهو يسخرها في جميع مناحي الحياة الخاصة والعامة ، بل وحتى في تفكيره . إزاء ذلك أصبح الإنسان يتطلع ويرنو بفارغ صبر إلى الأوقات الحرة آلتي يخلو فيها من العمل ليخرج من عالم الضوضاء والضجيج إلى حياة طالما تاقت إليها نفسه واشتد إليها حنينه . هي حياة الخلاء حيث الهواء الطلق النقي ،وحيث الهدوء والراحة النفسية ، فترة زمنية يغتنمها ويقتصها ليتروح بها من معاناة المدنية ، ولينتزع نفسه من عالمه الروتيني التقليدي البغيض إلى عالم الفطرة السمحة حيث لا قيود على فكره وحركته في إطار من الخلق القويم والقيم الإنسانية .
وتبرز أهمية حياة الخلاء بالنسبة للكشفية في الأمور التالية :
1- تعتبر بيئة جديدة للفتى تختلف عن بيئته الروتينية .
2- تفسح المجال للفتى للحركة الواسعة المنظمة خاصة في ألعابه .
3- تعتبر مجالا للترويح عن النفس .
4- ته الفرصة للتعامل مع موجودات الطبيعة بصورة أفضل وأمثل .
5- تفسح المجال لممارسة العمل اليدوي والإشعال العملية بشكل واسع بعيدا عن عالم الآلة خاصة في نشاطات التخييم وتطبيق فنون الخلاء .
6- تثير في نفس الفتى الكثير من التساؤلات والاستفسارات عن طبيعة الكون وقدرة الخالق .
7- تهيئ الفرص للعمل مع الجماعة ، فحياة الخلاء تلزم الفتى أن يتعاون مع زملائه في إنجاز أعماله وتحضير طعامه وتأمين مسكنه ومنامه ، الأمر الذي تبرز به أهمية الجماعة بالنسبة للفرد .
8- تسكب الفتى مهارات وخبرات جديدة خاصة في مجال دراسة البيئة والتفاعل معها والاستفادة من خاماتها وموجوداتها دون إلحاق الضرر بها .
9- تهيئ للفتى الجو الصحي المناسب حيث الهواء أتنقى بعيدا عن جو المدينة الملوث .
10- تتيح للفتى فرصة قضاء فترة زمنية في جو من الهدوء والراحة النفسية بعيدا عن ضوضاء المدينة .
11- تنمي في الفتى قدرة الاعتماد على النفس عن طريق التحدي الذي يلقاه في البيئة في مجال خدمة نفسه والمحافظة عليها .
12 - الخلاء ميدان عملي واسع للدراسة والتجارب عن طريق الملاحظة والمشاهدة .
حقائق حياة الخلاء :
1- الإيمان :
حياة الخلاء تتيح للفتى فرصة التأمل والتفكير فيما يحيط به من موجودات كيف وجدت؟ ومن أوجدها ؟ وتثير في نفسه الكثير من التساؤلات عن كنه هذا الكون ، وعن قدرة خالقه ، وصانعه أسئلة كثيرة تثور في ذهنه تتطلب إجابة شافية لتبعث في نفسه الهدوء والاطمئنان ، وهنا يبدأ الدور الهام للقائد ، وهنا تبدو أهميته وتتضح كفاءته وقدرته على غرس بذور الإيمان في نفوس فتيانه بأسلوب سهل بسيط موضحا لهم أن خالق هذا الكون ومبدعه هو الله القاهر فوق عباده القادر على كل شيء ، والذي أمره بين الكاف والنون يقول للشيء كن فيكون.
وعليه أن يوجه الفتى إلى الإيمان بالله ، وأن يجعله يمارس شعائره الدينية بالقدرة الطيبة والأسوة الحسنة ، فالفرصة مواتية والجو ملائم فالخلاء مظهر فطرى طبيعي بعيد عن زيف المدينة ومعرياتها ، فهو بيئة صالحة للتأمل والتفكير ومحيط يثير الإيمان بالله وكتبه ورسله .
2- اكتساب القيم من ممارسة نشاطات الخلاء :
حياة الخلاء تتيح للفتى سبلا جديدة للاحتكاك بالحقائق وواقع الحياة وتيسر له وسائل التعرف على أنواع جديدة من المطالب التي لا غنى له عنها ، نتيجة لاختلاف الحياة في الخلاء عنها في بيته وبين أسرته من حيث سلامته وأمنه ومن حيث تعاونه مع زملائه لإنجاز متطلبات وسائل أعاشته وإقامته .
إنها ولا شك ظروف جديدة لم يسبق له أن اعتاد عليها أو مارسها من قبل بعيده عن نمط الحياة الرتيب في المدن .
لا شك قرى أن هذا الاندماج وذلك التفاعل والتعاون مع الغير يؤدى إلى غرس القيم الأخلاقية السليمة تلقائيا وعن طريق غير مباشر .
3- تقدير قيمة الأشياء بأهميتها الحقيقية :
وبما لها من فائدة على الإنسان حيث تخلق في الفتى نمطا جديدا من القيم يرتكز على الأصالة ولا يخلط بين المظهر والجوهر ، لأنه يتعامل في حياته الجديدة مع الجوهر الأصلي لحياة الخلاء .
4- البحث عن الحقيقة :
في حياة الخلاء يواجه الفتى عالما جديدا يتطلب فيه جهدا غير الذي اعتاد عليه ليتفهم هذا العالم وليتكيف معهم ولهذا فانه يعمل على إيجاد تغيير جديد لما ظهر له من حقائق جديدة تجعله على استعداد من التخلص من المنهج القديم وعلى أن ينهج منهجا جديدا للعمل قائم على الفهم والإدراك .
5- الشعور بالحرية :
يحب الفتى حياة الخلاء بفطرته وغريزته لما فيها من حرية الحركة والانطلاق على سجيته بلا قيد أو موانع . الأمر الذي يكون في أشد الحاجة إليه لتحقيق ذاته والإحساس بشخصيته ، فحياة الخلاء البدائية الطبيعية تناقض تماما حضارة مجتمع المدينة من حيث نشأ الفتى وتربى ، فهي تفسح له المجال ليختار ما يتوافق مع احتياجاته النابعة من واقعه .
6- تنمية الحواس :
يستخدم المرء جميع حواسه في ملاحظة الأشياء الموجودات ومعرفتها على طبيعتها ، فمنها ما يكون قد اعتاد عليها وعلى رؤيتها مما يجعلها مألوفة لديه ، ومنها ما هو جديد مما يستلفت نظره ويتطلب من الإمعان والتدقيق ، بل وقد يلزم معه التفكير أحيانا . والقائد الكشفي الناجح هو الذي يتيح لأفراده مشاهدة الجديد دائما ليشد انتباههم ويشحذ أذهانهم ويثير في نفوسهم عوامل الدهشة والتعجب
وليس كالخلاء مدرسة ، باتساع رقعته وبكثرة محتوياته ويتعدد موجوداته فعن طريق حاسة البصر مثلا يلاحظ الفتى ويشاهد عجائب المخلوقات وروائع الطبيعة ، فيسبح بحمد الخالق المبدع ، كما أن حاسة اللمس وهى الحاسة التى ترتبط بالمعاملة القريبة والإحساس المباشر تثير في نفسه التفكير لمجرد أن يلمس ورقة شجرة أو حجر معين وهكذا بقية الحواس .
حقا أن الخلاء مدرسة تنمى الحواس وتهذبها وتصنعها .
استخدام حياة الخلاء :
أن الاستخدام الأمثل لحياة الخلاء يولد في النفس الشعور بالأمان والاطمئنان للخلاء ، ولهذا يجب أن نضع في اعتبارنا ما يأتي حتى تزيد من اهتمام الفتية بالمخيمات ونثير الرغبة فيهم لحضورها .
أولا : اختيار الموقع المناسب الآمن بحيث تتوافر فيه كافة الشروط الصحية والفنية .
ثانيا : توافر الاحتياجات الضرورية كالماء أتنقى للشرب والاغتسال والمواد التنموينية والأخشاب .... الخ .
ثالثا : التدريب المتدرج عن حياة الخلاء فالطفرة السريعة قد تؤدى إلى نتائج عكسية ، فتنظيم رحلة طويلة شاقة لأول مرة أو إقامة مخيم لفترة طويلة لأول مرة في موقع لا تتوافر فيه الشروط إلى غير ذلك ، قد يعكس آثارا سلبية على الفتية مما يبعدهم عن حياة الخلاء .
عليك أيها القائد أن تبدأ بالتدرج مراعيا ما يأتي :
1- البداية من السهل ، والتدرج إلى الأصعب على فترات .
2- وضع أولويات وأبدا بالأهم ، وعلى سبيل المثال إقامة الخيمة أهم من صنع وجبة طعام .
3- ضع نصب عينيك قدرة الأفراد البدنية والعقلية فلا تحمل أيا منهم مالا يطيق .
4- الممارسة العملية لحياة الخلاء أهم بكثير من التحدث عنها فكن القدوة في عملك وفى سلوكك .......الخ
5- ليكن البرنامج متناسبا مع قدرات الفتيان الجسمانية والعقلية .
6- ليتضمن البرنامج فترات ترويحية ، فإقامة حفل سمر منظم يبعث المرح والسرور في أفراد وحدتك ويؤدى إلى ارتياح النفس بعد الجهد والتعب .
7- المتابعة ضرورية خاصة لحديثي العهد بالخلاء .
8- إعداد جميع الأدوات والإمكانيات المطلوبة لحياة الخلاء .

فالنقص فيها يفسد هذه الحياة .
إن النقطة المهمة والاعتبار الأهم في كل ما ذكر هو ( التعريف الجيد بحياة الخلاء ) والذي يعتمد على الأساليب التالية :
أ ) الدراسة الميدانية الأولية : وهى مبنية على :
1- المشاهدة الأولية .
2-الملاحظة الدقيقة .
3- الاستنتاج ( الحصول على الفكرة أو الحقيقة ) .
4- النتيجة وتعميمها .
ب ) الدراسة الذاتية ( الفردية ) : وهي دراسة فردية ، فيقوم الفرد بدراسة إحدى موجودات البيئة ، ويقدم عنها تقريرا مدعما بنماذج أو صور .
جـ ) الدراسة الجماعية : ( على مستوى الطليعة ) لمعرفة موجودات البيئة لتحليلها وفهم كنهها فهما منطقيا .
د ) الدراسة الكلية ( وفى جماعية ) وتتم بصورة متكاملة كان يطلب من طليعة دراسة موضوع معين من إحدى موجودات الخلاء ومن طليعة أخرى دراسة موضوع آخر ، وهكذا ثم تجمع هذه الدراسات وتدعم بآراء المتخصصين ثم تحفظ لتكون مرجعا لقادة الكشافة .