تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء الثامن-
صفحة 1 من اصل 1
تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء الثامن-
أسباب سقوط دولة المرابطين
1- ظهور روح الدعة والانغماس في الملذات والشهوات عند حكام المرابطين وأمرائهم في أواخر عصر علي بن يوسف، وكان للمجتمع الأندلسي تأثير لا ينكر في قادة وحكام دولة المرابطين الذين استجابوا لنزوات شهواتهم وانغمسوا في الحياة الدنيا، فتحقق قول الله تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" [ الإسراء: 16].
2- ظهور السفور والاختلاط بين النساء والرجال، فقد بدأت دولة المرابطين في آخر عهد الأمير علي بن يوسف تفقد طهرها وصفاءها الذي اتصف به جيلهم الأول، مما جعل الرعية المسلمة تتذمر من هذا الانحراف والفساد، وتستجيب لدعوة محمد بن تومرت الذي أظهر نفسه للناس بالزاهد والناسك والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
3- انحراف نظام الحكم عن نظام الشورى إلى الوراثي الذي سبب نزاعًا عنيفًا على منصب ولاية العهد بين أولاد علي بن يوسف، كما تطلع مجموعة من الأمراء إلى منصب الأمير علي ونازعوه في سلطانه مما سبب تمزقًا داخليًا أدى إلى إضعاف الوحدة السياسية وإسقاط هيبة الدولة المرابطية.
4- الضيق الفكري الذي أصاب فقهاء المرابطين وحجرهم على أفكار الناس، ومحاولة إلزامهم بمذهب الإمام مالك وحده، وعملوا على منع بقية المذاهب السنية تعصبًا لمذهبهم، وكان لفقهاء المالكية نفوذ كبير مما جعلهم يوسعون تعصبهم وتحجرهم الفكري، بالإضافة إلى استغلال بعض الفقهاء نفوذهم من أجل جمع المال، وامتلاك الأراضي وعاشوا حياة البذخ والرفاهية المفرطة، وكان ذلك في إيجاد ردة فعل عنيفة عند أفراد المجتمع المرابطي.
وقد انبرى الشعراء في تصوير حال الفقهاء في تلك الفترة، فقال أبو جعفر أحمد بن محمد المعروف بابن البني:
أهل الربا لبستم ناموسكم كالذئب أدلج في الظلام العاتم
فملكتم الدنيا بمذهب مالك وقسمتم الأموال بابن القاسم
وركبتم شهب الدواب بأشهب وبأصبغ صبغت لكم في العالم
5- ومن أهم العوامل التي أسقطت دولة المرابطين فقدها لكثير من قياداتها وعلمائها العظام أمثال سير بن أبي بكر، ومحمد بن مزدلي، ومحمد بن فاطمة، ومحمد بن الحاج، وأبي إسحاق بن دانية، وأبي بكر بن واسينو، فمن لم يستشهد من كبار الدولة أدركه الموت الطبيعي، ولم يستطيع ذلك الجيل أن يغرس المبادئ والقيم لمن بعدهم.
6- أيضًا من الأمور التي أنهكت دولة المرابطين أنها مرت بأزمة اقتصادية حادة نتيجة لانحباس المطر عدة سنوات، وحلول الجفاف والقحط بالأندلس والمغرب، وزاد من حدة الأزمة الاقتصادية إن أسراب الجراد هاجمت ما بقى من الأخضر على وجه البلاد مما هيأ الظروف لانتشار مختلف الأوبئة بين كثير من السكان، ووقعت هذه الأزمة في الفترة الواقعة ما بين أعوام 524هـ- 530هـ.
7- ومن الأسباب الرئيسية في زوال دولة المرابطين صدامها المسلح مع جيوش الموحدين[1].
--------------------------------------------------------------------------------
[1]د/ علي محمد الصلابي: الجوهر الثمين بمعرفة دولة المرابطين ص227- 229.
موقعة العقاب وبداية النهاية لدولة الموحدين
في سنة 609هـ أعلن الصليبيون حملة واسعة النطاق ضد المسلمين بالأندلس، فجاءهم المتطوعون من فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا، وقاد الناصر ابن المنصور بالله جيش المسلمين، وكان عدته كما تقول بعض الروايات حوالي نصف مليون من المحاربين، ولما لم يكن الناصر بارعًا في القيادة، فدارت الدائرة عليه وفقد معظم جيشه، بل إن هذه المعركة كانت نهاية لدولة الموحدين في الأندلس، فقد سقطت المدن الإسبانية مدينة إثر أخرى في يد الصليبين، وعم الشغب بين قبائل البربر في إفريقية، وتوالت وثبات المنافسين للموحدين فيها فتبددت قوتهم وطمع فيهم أمراء الأندلس، فأزاحوهم عن الأندلس سنة 633هـ وأعلن ابن هود نفسه حاكمًا لأكثر بلاد الجنوب، ولما قضى نحبه تحول حكم الأندلس إلى بني نصر أمراء غرناطة سنة 620هـ[1].
ولكن ما السبب وراء هزيمة المسلمين في هذه المعركة رغم ما وصلوا إليه من قوة؟
يكمن ذلك في عدة أسباب منها: الإعجاب بالكثرة، وكأن غزوة حنين تتكرر بعد حوالي ستة قرون في الأندلس، وأيضًا ضعف شخصية الناصر لدين الله كان من أهم أسباب الهزيمة، بالإضافة إلى إصرار ملك قشتالة على الانتقام من هزيمة الأرك، وأيضًا الثورات التي حدثت في المغرب مع بني غانية جعلت الموحدين ينفقون فيها نفائس أموالهم ويقدمون خيرة رجالهم[2].
--------------------------------------------------------------------------------
[1]فريق البحوث والدراسات الإسلامية: الموسوعة الميسرة في التاريخ الإسلامي، تقديم د/ راغب السرجاني 1/ 403- 404.
[2]د/ علي محمد الصلابي: إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين ص 161-162.
أسباب سقوط دولة الموحدين
1- ظلمهم الفظيع للمرابطين وسفكهم للدماء واعتداؤهم على الأموال وسبيهم للنساء بدون وجه حق، فمضت فيهم سُنَّة الله في الظلم والظالمين.
2- من أسباب السقوط ثورة بني غانية وهم من بقايا المرابطين، حيث قامت هذه الثورة على أسس فكرية ناهضت الأسس التي قامت عليها دولة الموحدين.
3- ثورات الأعراب المتتالية؛ حيث إن قبائل بني سليم وبني هلال التي سكنت إفريقية والمغرب الأوسط وبعد ذلك المغرب الأقصى لا تنظر إلا لمصالحها، فأحيانًا تتحالف مع بني غانية ضد الموحدين وأحيانًا تخضع لدولة الموحدين.
4- ثورات الأندلس ضد دولة الموحدين: ومن أشهر هذه الثورات، ثورة محمد بن مردنيش الذي لم يتم القضاء عليه إلا بعد ربع قرن من تحالفه مع النصارى.
5- النزاع على الخلافة بين الموحدين ولم يستطيعوا أن يضعوا نظامًا ثابتًا لتولِّي الخلافة عندهم.
6- أيضًا من العوامل المسئولة عن سقوط الموحدين الترف والانغماس في الشهوات[1].
--------------------------------------------------------------------------------
[1]السابق نفسه ص
165-172. 1- ظهور روح الدعة والانغماس في الملذات والشهوات عند حكام المرابطين وأمرائهم في أواخر عصر علي بن يوسف، وكان للمجتمع الأندلسي تأثير لا ينكر في قادة وحكام دولة المرابطين الذين استجابوا لنزوات شهواتهم وانغمسوا في الحياة الدنيا، فتحقق قول الله تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" [ الإسراء: 16].
2- ظهور السفور والاختلاط بين النساء والرجال، فقد بدأت دولة المرابطين في آخر عهد الأمير علي بن يوسف تفقد طهرها وصفاءها الذي اتصف به جيلهم الأول، مما جعل الرعية المسلمة تتذمر من هذا الانحراف والفساد، وتستجيب لدعوة محمد بن تومرت الذي أظهر نفسه للناس بالزاهد والناسك والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
3- انحراف نظام الحكم عن نظام الشورى إلى الوراثي الذي سبب نزاعًا عنيفًا على منصب ولاية العهد بين أولاد علي بن يوسف، كما تطلع مجموعة من الأمراء إلى منصب الأمير علي ونازعوه في سلطانه مما سبب تمزقًا داخليًا أدى إلى إضعاف الوحدة السياسية وإسقاط هيبة الدولة المرابطية.
4- الضيق الفكري الذي أصاب فقهاء المرابطين وحجرهم على أفكار الناس، ومحاولة إلزامهم بمذهب الإمام مالك وحده، وعملوا على منع بقية المذاهب السنية تعصبًا لمذهبهم، وكان لفقهاء المالكية نفوذ كبير مما جعلهم يوسعون تعصبهم وتحجرهم الفكري، بالإضافة إلى استغلال بعض الفقهاء نفوذهم من أجل جمع المال، وامتلاك الأراضي وعاشوا حياة البذخ والرفاهية المفرطة، وكان ذلك في إيجاد ردة فعل عنيفة عند أفراد المجتمع المرابطي.
وقد انبرى الشعراء في تصوير حال الفقهاء في تلك الفترة، فقال أبو جعفر أحمد بن محمد المعروف بابن البني:
أهل الربا لبستم ناموسكم كالذئب أدلج في الظلام العاتم
فملكتم الدنيا بمذهب مالك وقسمتم الأموال بابن القاسم
وركبتم شهب الدواب بأشهب وبأصبغ صبغت لكم في العالم
5- ومن أهم العوامل التي أسقطت دولة المرابطين فقدها لكثير من قياداتها وعلمائها العظام أمثال سير بن أبي بكر، ومحمد بن مزدلي، ومحمد بن فاطمة، ومحمد بن الحاج، وأبي إسحاق بن دانية، وأبي بكر بن واسينو، فمن لم يستشهد من كبار الدولة أدركه الموت الطبيعي، ولم يستطيع ذلك الجيل أن يغرس المبادئ والقيم لمن بعدهم.
6- أيضًا من الأمور التي أنهكت دولة المرابطين أنها مرت بأزمة اقتصادية حادة نتيجة لانحباس المطر عدة سنوات، وحلول الجفاف والقحط بالأندلس والمغرب، وزاد من حدة الأزمة الاقتصادية إن أسراب الجراد هاجمت ما بقى من الأخضر على وجه البلاد مما هيأ الظروف لانتشار مختلف الأوبئة بين كثير من السكان، ووقعت هذه الأزمة في الفترة الواقعة ما بين أعوام 524هـ- 530هـ.
7- ومن الأسباب الرئيسية في زوال دولة المرابطين صدامها المسلح مع جيوش الموحدين[1].
--------------------------------------------------------------------------------
[1]د/ علي محمد الصلابي: الجوهر الثمين بمعرفة دولة المرابطين ص227- 229.
موقعة العقاب وبداية النهاية لدولة الموحدين
في سنة 609هـ أعلن الصليبيون حملة واسعة النطاق ضد المسلمين بالأندلس، فجاءهم المتطوعون من فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا، وقاد الناصر ابن المنصور بالله جيش المسلمين، وكان عدته كما تقول بعض الروايات حوالي نصف مليون من المحاربين، ولما لم يكن الناصر بارعًا في القيادة، فدارت الدائرة عليه وفقد معظم جيشه، بل إن هذه المعركة كانت نهاية لدولة الموحدين في الأندلس، فقد سقطت المدن الإسبانية مدينة إثر أخرى في يد الصليبين، وعم الشغب بين قبائل البربر في إفريقية، وتوالت وثبات المنافسين للموحدين فيها فتبددت قوتهم وطمع فيهم أمراء الأندلس، فأزاحوهم عن الأندلس سنة 633هـ وأعلن ابن هود نفسه حاكمًا لأكثر بلاد الجنوب، ولما قضى نحبه تحول حكم الأندلس إلى بني نصر أمراء غرناطة سنة 620هـ[1].
ولكن ما السبب وراء هزيمة المسلمين في هذه المعركة رغم ما وصلوا إليه من قوة؟
يكمن ذلك في عدة أسباب منها: الإعجاب بالكثرة، وكأن غزوة حنين تتكرر بعد حوالي ستة قرون في الأندلس، وأيضًا ضعف شخصية الناصر لدين الله كان من أهم أسباب الهزيمة، بالإضافة إلى إصرار ملك قشتالة على الانتقام من هزيمة الأرك، وأيضًا الثورات التي حدثت في المغرب مع بني غانية جعلت الموحدين ينفقون فيها نفائس أموالهم ويقدمون خيرة رجالهم[2].
--------------------------------------------------------------------------------
[1]فريق البحوث والدراسات الإسلامية: الموسوعة الميسرة في التاريخ الإسلامي، تقديم د/ راغب السرجاني 1/ 403- 404.
[2]د/ علي محمد الصلابي: إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين ص 161-162.
أسباب سقوط دولة الموحدين
1- ظلمهم الفظيع للمرابطين وسفكهم للدماء واعتداؤهم على الأموال وسبيهم للنساء بدون وجه حق، فمضت فيهم سُنَّة الله في الظلم والظالمين.
2- من أسباب السقوط ثورة بني غانية وهم من بقايا المرابطين، حيث قامت هذه الثورة على أسس فكرية ناهضت الأسس التي قامت عليها دولة الموحدين.
3- ثورات الأعراب المتتالية؛ حيث إن قبائل بني سليم وبني هلال التي سكنت إفريقية والمغرب الأوسط وبعد ذلك المغرب الأقصى لا تنظر إلا لمصالحها، فأحيانًا تتحالف مع بني غانية ضد الموحدين وأحيانًا تخضع لدولة الموحدين.
4- ثورات الأندلس ضد دولة الموحدين: ومن أشهر هذه الثورات، ثورة محمد بن مردنيش الذي لم يتم القضاء عليه إلا بعد ربع قرن من تحالفه مع النصارى.
5- النزاع على الخلافة بين الموحدين ولم يستطيعوا أن يضعوا نظامًا ثابتًا لتولِّي الخلافة عندهم.
6- أيضًا من العوامل المسئولة عن سقوط الموحدين الترف والانغماس في الشهوات[1].
--------------------------------------------------------------------------------
[1]السابق نفسه ص
مواضيع مماثلة
» تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء التاسع-
» تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء السادس-
» تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء الأول -
» تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء الثاني-
» تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء الثالث-
» تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء السادس-
» تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء الأول -
» تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء الثاني-
» تاريخ المسلمين في الاندلس - الجزء الثالث-
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى