الكشاف مقتصد

يتميز مجتمعنا الحالي بالحياة المتسارعة والنشاط الكبير الذي يجعل من الضروري لكل شخص أن يؤقلم نفسه للتعايش معه وأن يكون مستعدًّا للظروف المحيطة التي تحتّم عليه قبولها ، وعلى الكشاف أيضًا أن يبتكر الأساليب والطرق التي تتماشى مع هذا المجتمع ليلعب دوره كاملاً بنجاح .

فشريعة الكشاف نصّت بأن: الكشاف مقتصد وهذا يعني أن من لا يقتصد قد أخل بشرط من شروط الكشفية ، وعلى الكشاف أن يجعل أمام ناظريه وفي جميع أعماله هذا البند كما هو الحال في باقي البنود ، ويجب أن لا يقتصر على حياة الشخص داخل الحركة الكشفية بل يجب أن يمتد ذلك ويطبق في حياته العامة ، وبذلك يكون مؤثرًا بتعامله بين أقرانه وجيرانه وفي مجتمعه عمومًا .

ولعّل البعض يحصل له اللبس في فهم المعنى بالشكل الصحيح ، فالاقتصاد ليس هو البخل أو الشح أو الحرمان أو غير ذلك من الصفات الذميمة التي نهانا عنها ديننا الإسلامي الحنيف ، في حين أوصانا بالاقتصاد وحسن التصرف واستغلال الإمكانيات المتاحة للاستفادة منها في أفضل صورة ، وهو ما يعنيه الاقتصاد في حياة الكشاف الناجح .

فالطالب مثلاً عليه أن ينظم وقته خاصة خارج المدرسة لتأدية الواجبات المدرسية والمذاكرة اليومية ، وأن يحضر اجتماع فرقته أو طليعته ، وأن يلتزم بتأدية واجباته الدينية ، وهذا لا يتأتّى إلا بتنظيم الوقت وهو اقتصاد فيه يحفظ إضاعة الوقت بدون فائدة ويحسن استغلاله .

وعلى العامل أن يحسب معادلة دخله مع مصروفاته بحيث يحصل من إنفاقه لدخله على أكبر قدر ممكن من الفائدة التي تلبي احتياجاته ، وأن لا ينسى أن يقتصد جزء منه وهو ما يزيد عن الحاجة لينتفع به في الظروف الطارئة المختلفة .

ومن الاقتصاد أيضًا أن يحافظ الشخص على ممتلكاته فلا يتلف منها شيئًا ويستخدمها الاستخدام الصحيح ، والممتلكات العامة تعتبر ملكًا لكل شخص فابدأ بنفسك وحافظ عليها وهي خدمة للآخرين التي نسعى إليها نحن الكشافة ، وهي أحسن نوع من الاقتصاد في الأموال العامة فلا تتلف المقاعد بالحدائق العامة أو في وسائل النقل كالحافلات أو تعبث بالمياه واستنزافها في أوجه غير مشروعة مثل غسيل السيارات أو ......... إلخ ، وبمحافظتك أنت على ممتلكات الآخرين ثق وتأكد بأنها أكبر دعوة لهم للمحافظة على ممتلكاتك .

فهذه الأمثلة بيّنت الاقتصاد في الوقت والمال وهناك أوجه أخرى للاقتصاد في الجهد الذي تبذله للاستفادة منه لصالحك وصالح وطنك ، وفي الصحة بالعناية الكافية بسلامة جسمك وعقلك ، وأن تقتصد في وقت شبابك لوقت شيخوختك فتكون معتدلاً في معيشتك ، والاعتدال في المعيشة معناه أن تقتصد في لهوك وفي أكلك وفي نومك وفي سهرك لتعيش سليمًا معافى .