مدينة ندرومة ونواحيها
صفحة 1 من اصل 1
مدينة ندرومة ونواحيها
الملتقى الوطني الأول حول تاريخ
مدينة ندرومة ونواحيها
عنوان المحاضرة :
ــ مدينة ندرومة عبر العصورــ
بقلم الدكتورة: السيدة أنيسة بركات (مولودة درار).
الجزائر في 15 أكتوبر 1987
الملتقى التاريخي الأول حول مدينة ندرومة و نواحيها
ــ مدينة ندرومة عبر العصورــ
ــ مقدمة:
مدينة
ندرومة العتيقة؛ مدينة العلم والفن و التاريخ؛ هي مهد أمير المؤمنين عبد
المؤمن بن علي؛ كانت منذ القدم مأوى شخصيات تاريخية بارزة؛ وكانت الثورة
حقل المجاهدين الأبطال هذه الأرض الأصيلة، الطيبة أنجبت أبناء نجباء،
لعبوا دورا هاما عبر العصور في ميادين السّياسة و الثقافة و الفنون؛ وهم
اليوم يساهمون في تشييد الجزائر الحرة.
مدينة
ندرومة هي مسقط رأسنا وموطن أجدادنا الأجلّة الذين برز منهم العلماء
والأئمة. وكان والدنا الحاج مصطفى بن موسى الدّرار ــ رحمه الله ــ ذو علم
وجاه؛ وكان من وجهاء المدينة ومن مناضليها الأبرار.
ولنا
بهذه المدينة الحبيبة روابط الأصل؛ وذكريات الكفاح المجيد؛ حيث كنت مجاهدة
في جيش التحرير في نواحي ندرومة في المنطقة الثانية من الولاية الخامسة ؛
وأصبت بجروح سنة 1957 في جبل تاجرة، في بني عابد؛ وكان لي الشرف العظيم أن
أرفع علم الجزائر الحرة.
ألقيت
خطابا بمناسبة تلك الذكرى الخالدة في مهرجان كله بهجة وسرور. واليوم
تسعدني ويشرفني أن أساهم في هذا الملتقى التاريخي الأول حول مدينة ندرومة
وضواحيها.
وأتمنى المزيد من البحوث حول هده المدينة العريقة ذات التاريخ المجيد؛ وهي تستحق أن نصفها بهذه الأبيات للأمير عبد القادر، حيث يقول:
لنا في كل مكرمة مجال * ومن فوق السماك لنا رجال
ومن لم يذل في كل عصر * وجال للرجال هم الرجال
ــ موقعها:
تتميز ندرومة بموقع حصين إستراتيجي للدفاع وجميل، توجد هذه المدينة في أقصى غرب الجزائر؛ وهي غير بعيدة عن الحدود المغربية.
أسست في جنوب سفح جبل فلوسن؛ وهي تمتد على أواخر منحدرات هذا الجبل في ارتفاع يتخلل بين 360م-470م
ويعتبر
جبل فلوسن أعلى قمم جبل ترارة ؛ حيث يبلغ ارتفاعه 1136م يقابل المدينة
البحرالأبيض المتوسط؛ وتبتعد عنه على خط مستقيم بـ 6كلم ، تقع بين وادي ؛
وادي الحمراء من جهة الشرق ؛ ووادي الدمين من جهة الغرب.
وتشرف على سهل مزاوروا الخصيب؛ ويحدها من جهة الغرب سيدي يوشع؛ ويبعد عنها بـ 18كلم.
ومن
الجهة الجنوب يحدها جبل فلوسن من الجهة الشرقية مدينة تلمسان التي تبعد
عنها بـ 60كل؛ ومن جهة الغرب مدينة مغنية؛ وتقع في شمال الطريق المؤدي من
تونس إلى المغرب.
ومنذ القديم: كانت لها علاقات بالمدن الكبرى المجاورة سواء عن طريق البحر و البر.
يبلغ عدد سكانها حسب إحصائيات سنة 1984، كما يلي:
المدينة وحدها : 15752 نسمة
البلديـــــــــــة : 21176 نسمة
الدائــــــــــرة : 40764 نسمة
والنسبة المئوية على مستوى الوطن 3.5 بالمئة
ومدينة
ندرومة قديمة بها أسوار؛ تعود إلى عهد عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين.
إن نمط هندستها المعمارية؛ يشبه المدن القديمة المعروفة بالجزائر؛ ذات
طابع إسلامي؛ لها ساحة وسط المدينة؛ يوجد بها الجامع الكبير؛ و أزقة ضيقة
وملتوية؛ وسوق ومنازل عتيقة ذات سطوح.
أهم أحيائها: حيّى بني زيد، التربيعة، بني عفان؛ قناوة؛ وحتى سيدي يحيى؛ وخارج المدينة حي سيدي عبد الرحمن
وأصبحت
المدينة تمتد مساحتها طول طريق الغزوات؛ وجبالة وزاوية اليعقوبي؛ ولها
أحياء جديدة ذات الأنهج العريضة و الواسعة منها: حيّى بن باديس؛ وحوض
الخنزيرة؛ وحيّى داقيوس؛ ومنازلها ذات شكل متناسق ولها مستوى واحد.
وأهم نشاطات المدينة: الصناعة التقليدية؛ التجارية و الفلاحة.
ــ تاريخ تأسيس ندرومة:
تاريخ تأسيس ندرومة غير معروف: هناك آراء مختلفة حول نشأة هذه البلدة
يبقى
المشكل المطروح حول بداية ظهور التجمعات الحضرية في هذه المدينة ؛ وظروف
الاستقرار العمراني؛ وكل ما يتعلق بالسكان الأصليين الأوائل الذين كانوا
يقطنون بهذه المدينة.
لا
توجد الوثائق التي ترشد الباحث حول هذا الموضوع؛ ويبقى علم الآثار وحده
الذي يكشف الحقيقة؛ ويعطي الجواب لهذه الأسئلة. أن هذه المنطقة تحتوي على
مؤهلات؛ وظروف طبيعية لمأوى الإنسان منذ القديم؛ حيث توجد كهوف ومغارات
محصنة؛ وجبال وسهول وغابات ونباتات؛ ووفرة المياه؛ ومناخ وموقع جميل؛ وقد
أشار ‘ستيفان اقزال (stephan gsell)1
المؤرخ الأثري إلى وجود صفحات صغيرة من الصوان؛ وقطع من الخزف في الكهوف
الموجودة على الشاطئ الأيمن لوادي الغزوات.وهناك أسطورة يرويها أهالي
البلدة حول قوم أتوا في القديمة إلى هذه الناحية وهيّ تلفت الانتباه
يقال
أن قوما من الرحل أتوا في عهد ما قبل التاريخ؛ وقبل تأسيس مدينة ندرومة؛
وصلوا إلى هذه الناحية والتجئوا داخل مأوى كهف يدعى " سطح الكاف " و الكاف
هو اسم القوم الذين قدموا إلى هذا المكان فناموا نوما عميقا مدّة طويلة من
الزمان داخل الكهف. ولما استيقظوا خرجوا من ملجئهم؛ فوجدوا المدينة
متأسسة؛ قائمة أمامهم؛ فاندهشوا لهذه الرؤية فهربوا إلى المغارة من الخوف
و التجئوا في أعماقها.
اليعقوبي 2 هو أول من تحدث عن ندرومة في كتاب :" البلدان " الذي ألفه بين سنتي 876م-889م
يرى
بأن ندرومة حلت محلّ قرية بربرية، كانت تدعى فلاوسن: فانتقل اسمها إلى
حبلها المذكور أعلاه المدعو " فلوسن " : وهي كلمة بربرية مشتملة على
كلمتين "أفلا" فوق و"أعلى" و"أوسن" تعني قرية.
ظهر اسم ندرومة ما بين القرنين الثالث و الخامس الهجريين (9 ـــــــ 11م) هو
اسم قبيلة بربرية من فرع بطون الكومية الذين هم من بني فاتن بن تمصيت بن
ضرس؛ كما ذكر ابن خلدون : أن البكري الذي عاش في القرن الخامس الهجري هو
الذي ذكر لأول مرة اسم ندرومة: بسطح جبل عالي يدعى فلوسن؛ وقال: في شمال
وغرب البلدة، تمتد سهول خصبة وأراضي مزروعة؛ هي على بعد عشر أميال من
البحر هي بلدة عظيمة؛ محاطة بأسوار مسقية بواد على جوانبه بساتين تنتج من
الفواكه و الثمار من كل نوع؛ ويربطها بالبحر مجرى وادي ماسين ينتهي إلى
مرسى ماسين.
ويصفها الإدريسي 3
الذي عاش في القرن السادس الهجري بأنها مدينة كبيرة عامرة؛ آهلة ذات سوق
وسور؛ وموضعها في سند؛ ولها مزارع كثيرة ؛ ولها وادي يجري في شرقها؛
وعليها بساتين جنان عامرة؛ وسقى كثيرة.
وممّن تحدّثوا عن تاريخ ندرومة: " ليون الإفريقي " في القرن 16م و " ومارمول"
"Marmol"-4 في القرن 17 و "شاو" (shaw) 5 في القرن 18م ؛ و"كانال" (canal)6 و" روني باسي" (René basset)7 في القرن العشرين، و" ألفريد بال" ( Alfred bel)8 في دائرة المعارف الإسلامية...وغيرهم.
يذكر
ليون الإفريقي بأن هذه البلدة شيّدت قديما من طرف الرومان حينما أخضعوا
هذا القسم من إفريقيا ؛ و أسسها في موقع واسع محيط بأسوار؛ قرب الجبل،
أمام سهل جميل؛ يبعد عن البحر بـ 12 أميال.
يقرأ
عند المؤرخين القدامى بأن الرومان أقاموها في هذا المكان بنفس الشكل الذي
نراه في روما. لهذا السبب أخذت الاسم ندرومة لأن ند في اللغة الإفريقية
يعني يساوي نفس الشيء أو يشابه.← ندرومة مثل روما.
غير
أن ليون الإفريقي مخطئ في رأيه: ويؤكد روني باسي بأن هذا التأويل غلط.
ويرى (lowis piesse) لويس بييس بأن ندرومة هي القلامة الرومانية "la kalama
" ؛ وهذا غير صحيح؛ لأن لا أثر يدل على بناء روماني.
ذكر
" ماك كارتي " أنها قلامة ؛ وهذا الرأي مخطئ لأن هذه المدينة كانت موجودة
على الضفة الشمالية لوادي تافنة في الداموس من ناحية بني مسهل حيث وجدوا
بها
مدالية...عاصمة سيفاقس(Sigha capital de siphax) ؛ ولكن هذا التأويل غلط
لأن سيقة عثر عليها من طرف علماء الآثار؛ وتوجد في مكان آخر . وهناك تضارب
آراء مختلفة يطول ذكرها.
وهكذا
البعض يقول يأن مدينة ندرومة مدينة عربية شيدت على أطلال مدينة رومانية.
ويختلف البعض الآخر أمثال البكري و الإدريسي ابن خلدون وآغا ندرومة الحاج
حمزة بن رحال؛ ويقولون بأن بلدة ندرومة بربرية أسست من طرف الأفارقة؛ ونجد
كانال-canal-
يميل إلى هذا الرأي؛ و المتفق عليه وكما أكدته روايات السكان الأصليين أن
مدينة ندرومة شيدت في سنة 555هـ /1160م من طرف السلطان عبد المؤمن بن علي،
أمير الموحدين على أنقاض وخراب مدينة بربرية كبيرة.
لا
يعرف تاريخ تأسيسها؛ وأسوارها القديمة تذكر بناء عاصمة قديمة كما ذكر لويس
بييس - lowis piesse- و الحاج حمزة بن رحال تاريخ تأسيس مدينة
ندرومة؛ ونقل ابنيه محمد بن رحال ابن الحاج حمزة من حيث
وثيقة أبيه من العربية إلى الفرنسية؛ وبدورنا ترجمناها إلى
الحاج حمزة :" حينما تحدث مؤلف " روض القرطاس
كانت
البلاد تدعى بإفريقيا: في العام الثاني؛ بعدما نظم جيشا قويا فتح المغرب
الأقصى لتوسيع مملكته التي كانت عظيمة آنذاك. وفي طريقه من وهران إلى
تلمسان؛ طلبت منه الجيوش التي كانت تابعة له الرجوع إلى ديارهم، فسمح لهم
الأمير عبد المؤمن بذلك؛ ولم يبقى معه إلا ألف رجل من كل قبيلة؛ أبقاهم
معه ليعزز ويستمر في فتوحاته، غير أن الجنود ثأروا لأنهم لم ينالوا من
قائدهم الجزاء المنتظر منه.
وقع
اجتماع سري بين رؤساء الجيش ؛ وقرّروا قتل الأمير تلك الليلة. كان يوجد
بينهم رجل وليّ صالح يدعى أحمد البجايي؛ فسمع هذه المؤامرة؛ فأسرع يخبر
الأمير على هذه الدسيسة. وطلب منه أن يقوم مقامه لينقد ها الأمير . فأذن
له عبد المؤمن أن ينام في الخيمة الملكية؛ وفي الغد وجدت جثة الوليّ
مملوءة بالدّم على سرير الأمير؛ فنقل هذا الشهيد على ظهر ناقة؛ ثم تركوها
تسير لوحدها إلى أن توقفت في المكان الذي مكثت فيه الناقة؛ أمر السلطان
عبد المؤمن أن تتأسس المدينة فيه؛ وهكذا شيدت مدينة ندرومة؛ ويقال أن
قبيلة غمارى من سلالة الجنود الأسرى الذين كانوا في القصبة على عهد
الموحدين.
والسؤال المطروح هو: هل كان هذا الأمير هو المؤسس الحقيقي لندرومة؟ أم أقامها على أنقاضها ؟
و
الأرجح هو الرأي الأخير حسب الحاج حمزة بن رحّال حيث يقول: حينما حفرت
الأرض وجدوا بها حقل؛ وجدران؛ وآجور وركام من الحجر يدلّ على وجود مدينة
من قبل.
هذه
الأسوار الباقية إلى يومنا هذا ترجع إلى عهد عبد المؤمن. أما الحائط إذا
كان مبنيا في عهده، لابد أن يبقى قائما ؛ ولطن آثاره اندثرت؛ وهكذا نرى
بأن هذا السور كان قديما؛ وكان موجودا قبل قدوم الأمير الموحدي الذي لم
يشيد في حقيقة الأمر إلا جانبا من ندرومة ؛ ويؤكد الحاج حمزة قائلا: إذا
رأينا سور المدينة القديم؛ فإنه يدل على وجود مدينة كانت أعظم ممّا هي
عليه حاليا.
ويذكر
أن عبد المؤمن أراد أن يشيد مدينة في ناحية العين الكبيرة التي تبعد بسبع
أو ثمان كلم عن ندرومة ؛ فشرع في بناء الأسوار التي هي قائمة لحدّ الآن ؛
غير أنه غيّر رأيه عندما سمع أحد السكان ينطق بكلمة مشئومة وهكذا أسست
مدينة ندرومة.
يرى
البعض أن كلمة ندرومة كانت تدعى مدينة البطحاء أو فلوسن؛ وهو اسم الجبل
الذي يحمل حاليا هذا الاسم. أما معنى كلمة ندرومة يقول البعض أتت من" ضد"
رومة أو "ندرومة" بمعنى تشابه روما. غير أن هذا الرأي أهمل لأن ندرومة
معناه " نظروا الماء " وهذه العبارة قد نطق بها الفرسان العرب الذين أتوا
من تلمسان نحو هذه الناحية؛ ولما رأوا ماء البحر؛ نطقوا بكلمة " أنظروا
الماء " التي أصبحت ندرومة. وهكذا من يقول بأن ندرومة تأتي من كلمة بربرية
تنظر مت ثم عرّبت: ومعناها: توسيع سهل في سطح الجبل.
أما ابن خلدون، فيذكر بأن مدينة ندرومة أخذت اسم قبيلة ندرومة التي هي من بطن الكومية. أما الكومية الذين يعرفون بصطفورة لهم
بطون ثلاث: ندرومة- مغاوة – بنو بلول أحفاظهم كثيرة منهم بنو عابد قوم عبد
المؤمن بن عليّ. وكومية يعرفون بسطفورة بنو فاتن ابن تمصيت أو تمزيت ابن
دارس بن راهق؛ ابن مادغيس الأبثر.
في
عهد الأدارسة في القرن التاسع الميلادي(9م) كانت مدينة تدعى فلوسن، ولم
تكن تحمل اسم ندرومة؛ وكانت آنذاك عاصمة النواحي المجاورة لها التي أصبحت
تحمل في القرن الخامس باسم ترارة(بمعنى ترارس: الرجال الصناديد الشجعان).
وترارة
مجموعة من القبائل الكومية لتلك الناحية؛ يبدوا أن العرب أدخلوا هذه
القبائل إلى الإسلام على عهد الأدارسة؛ غير أننا لا نعرف شيئا كيف تعرّبوا
هؤلاء البرابرة؛ وكيف تقبلوا الفتح الإسلامي و الدين الإسلامي. ربما كان
يوجد بهذه المدينة مركز ديني من الخوارج الصفرية في القرن الثامن
الميلادي؛ وأصبحت هذه المدينة حتّى القرن الحادي عشر(11م) تتميز بمكانة
مرموقة في ميدان الدين الإسلامي: كان لها أثر على القبائل الكومية
ــ ندرومة في عهد المرابطين في القرنين الخامس و السادس الهجريين):
في
سنة 1078م كان يوسف ابن تاشفين أمير قبائل المرابطين وموطد أركان الدولة
المرابطية، كان يسعى لتوحيد المغرب العربي تحت سلطة المرابطين، فأرسل جيشا
لفتح تلمسان سنة 1079م فقاد بن تاشفين حملة ثانية على تلمسان؛ فدخلها سنة
445هـ.
وفي
القرن الخامس و السادس الهجري، نشر المرابطون الإسلام في نواحي ترارة،
وانتشرت الثقافة والدراسات الدينية وشيد مسجد مدينة ندرومة في عهد
المرابطين.
في سنة 1900م عثر روني باسي- René basset- على لوحة من شجر الأرز كانت جزء من منبر الجامع الكبير
وهي
مكتوبة بالخط الكوفي: ونقلها" باسي" إلى متحف الآثار القديمة بالجزائر
العاصمة ويصف باسي هذه اللوحة قائلا: ارتفاع هذه اللوحة هو متر وعرضها
0.728.ارتفاع كل سطر 0.054م- 0.065م. وعدّة أسطر انمحت سنة 474هـ
/1082م-1081م في عهد يوسف بن تاشفين الذي كان يحكم المغرب الوسط آنذاك.
فهي معاصرة لمنبر سيدي عقبة الذي يعتبر أقدم منبر في الجزائر كيبي على هذه اللوحة ما يلي:
"
بسم الله الرحمن الرحيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين وسلم
تسليما؛ لا إله إلا الله ومحمد رسول الله: إن الدين عند الله الإسلام؛ ومن
يبع غير الإسلام دينا؛ فلن يقبل منه؛ وهو في الآخرة من الخاسرين".
هذا
مما أنعم له به الأمير السيّد... بن يوسف بن تاشفين أدام الله توفيقه
وأجزاء... (و) كان الفراغ منه على يدي الفقيه أبي محمد عبد الله بن سعيد
يوم الخميس السابع عشر من شهر...و(والسطران الأخيران ممحوان). وكانت
النقود في عهد يوسف بن تاشفين تشتمل على العبارة؛ ومن يبتغي غير الإسلام
إلى آخر...
ــ ندرومة في عهد الموحدين(أي في القرنين السادس و السبع هجري):
لمّا وصف الإدريسي مدينة ندرومة في سنة 1134م، ذكر أنها مدينة قديمة وكبيرة؛ لها خصائص العمران المدني.
يذكر التاريخ بأن المؤسس الحقيقي لندرومة هو الأمير عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين.
ولد
عبد المؤمن بن علي سنة 487هـ- سنة558هـ/(1094 – 1163) بتاجرة قرب ندرومة؛
ولما أصبح أميرا؛ كان يعتمد على قبيلته الكومية؛ وعلى قبائل الناحية
لتسيير شؤون الدولة الموحدية.
تعتبر
مدينة ندرومة معهد الموحدين؛ وقد عرفت ازدهارا وشأنا آنذاك وكانت تتمتع
بنوع من الاستقلال؛ ولم تخضع للهجومات والاضطرابات التي كانت تهددها في
سنة 629؛ ذهب يوسف العبد الوادي الذي كان واليا على تلمسان من طرف إدريس
المأمون ألموحدي؛وهو عاشر أمراء الموحدين؛ ذهب لضرب الحصار على ندرومة سنة
629هـ- (1231 – 1232م) لأنها رفضت مبايعته؛ ولم تخضع له؛ وقام أحد سكانها
المسمى يوسف الغفار التلمساني ورماه بسهم وبحجر من صورها فقتله؛ واستمرت
ندرومة متمتعة باستقلالها في تلك الأثناء، إلى أن مال نجم الدولة الموحدية
إلى الأفول. فتقلص إثرها نفوذ الموحدين في الوادي؛ وتعرضت ندرومة إلى
هجومات وفتن وصراعات مستمرة.
ــ ندرومة في عهد بني مرين من سنة 688هـ إلى 796هـ:
كانت
تلمسان هي عاصمة بني عبد الواد وفاس وعاصمة بني مرين. وكلتا الدولتين من
قبيلة زناتة، كانت هاتان الدولتان في صراع مستمر؛ ودام النزاع طوال حكم
إيموغراسن( 1235م- 1283م).
كان
هارون بن موسى رئيس قبيلته؛ الطاغرت بتاونت قرب الغزوات مواليا للسلطان
المريني واحتل ندرومة؛ ثم أرجعها يغمراسن إلى نفوذه؛ ثم أخذها من جديد
المرييون وأرجعوها إلى مارون بن موسى: ثم أخذها مرة أخرى الملك عبد الوادي
من يغمراسن حوالي سنة 667هـ ( 1268 – 1269)
لم
تعد إلى الحكم بني مرين إلا في أواخر القرن السابع هجري؛ حيث دخل أبو
يعقوب يوسف المريني على تلمسان؛ وأراد قطع كل المواصلات عن هذه المدينة ؛
ودخل إلى ندرومة في شهر رمضان 696هـ جوان 1297م؛
وحاصر ندرومة ؛ هذا بمضي أكثر من شهر؛ ورماها بوابل من الحجارة ليجبرها
إلى الخضوع. ولم يقض عليها؛ وفي أوت 1297م تركها وفك الحصار عليها، ثم
توجه إلى وهران.
وحين
دخوله إلى المغرب، ترك يوسف جيشا تحت قيادة أخيه أبي بكر بن يعقوب؛ فخرب
نواحي ندرومة؛ وكان زكريا بن يخلفتن المطغري واليا على ندرومة وتامنت قرب
الغزوات؛ كان مواليا لبني مرين؛ فتآمر معهم وسلّم ندرومة إلى أبي يحي
المريني؛ وهكذا قدم شيوخ المدينة خضوعهم إلى أبي يعقوب يوسف.
بقيت
ندرومة تعاني من اضطهاد بني مرين؛ طيلة اثنتي عشر سنة ودامت هذه المعاملة
السيئة إلى سنة 747هـ - 1347م؛ ثم تولى تسيير أمور المدينة، الأمراء
الحفصيون: إلى أن احتل أبو الحسن المريني المغرب الأوسط وفي عهد أبي أبي
عنان المريني، استرجع أبو سعيد العبد الوادي من أبو ثابت ملكهما بتلمسان؛
وذلك سنة 1348م؛ وفي تلك الفترة ثار ضدهما إبراهيم بن عبد المالك من قبيلة
بني عابد؛ غير أن أبا ثابت كان له بالمرصاد؛ واحتل إثر هذا النزاع هنين
وندرومة، أبو يوسف يعقوب، أخو سعيد وأبو ثابت من بني عبد الواد؛ واعتزل
بهذه المدينة ؛ وعاش بعيدين عن كل نشاط سياسي. وكان معه ابنه أبو حمّو
موسى الثاني، مقتفيا سيرة أبيه؛ وتزوج في تلك الأثناء، فولد ولد سنة
752هـ، سمّاه أبى تاشفين؛ وهو أكبر أبناءه، ثم عادت مدينة ندرومة إلى نفوذ
بني مرين في تلك الحقبة؛ فأمر أبو عنان المريني أن يعامل أبا يعقوب؛ وابنه
معاملة حسنة؛ وبعدئذ أخذهما إلى عاصمته فاس وأكرمهما، ثم عاد بعدئذ إلى
تلمسان.
وفي سنة 749هـ/1348م بنيت صومعة المسجد الكبير، منارتها يبلغ طولها 18م؛ وتوجد في أسفله لوحة من المرمر مكتوب عليها ما يلي:
"
بسم الله الرحمن الرحيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد، بنى هذا الصامع أهل
ندرومة بأموالهم وأنفسهم؛ وكل احتساب لله وانبنت في خمسين يوما وسبع هاته
– رحمة الله – أجمعين "
من
الملاحظ أن أخطاء عديدة توجد بهذا النص( كتبناه كما ورد في الأصل) يرجع
تاريخ الصومعة إلى إمارة بني عبد الواد الزيانية. أبي سعيد عثمان الثاني
سنة 749هـ/1348م وهو سادس أمرائهم. وإلى عهد إمارة بني مرين؛ أبي عنان
فارس المتوكل الحادي عشر من أمراءهم.
ويبدو
أن قدوم أبي يعقوب يوسف السلطان، التقي الصوفي إلى مدينة ندرومة كان دافعا
وحافزا لبناء هذه الصومعة في أقل من شهرين. و هذه الصومعة كانت للأذان
والحراسة والاتصال بجهات أخرى بواسطة الإشارات النازية: ويبلغ عمر الصومعة
حاليا ستة قرون وستة وأربعين سنة 646. إن الإنسان يشعر بطمأنينة وسكينة
تميل النفس إلى العبادة ؛ والخشوع؛ فيغمرها الألفة لما تجده من بساطة
وصفاء تبلغ صفة الكمال وفي القرن التاسع الهجري ظهرت حملة صوفية عمّت
البلاد ؛ وانتشرت في ندرومة ونواحيها؛ وبقيت مؤثرة في هذه المدينة إلى
عصرنا
الحاضر، حيث كان يوجد بها 296 ولي صالح؛ و 9 نساء وليات صالحات
وعدّة زوايا ومساجد ومربيون في شتى الطرق الصوفية حسب ما ذكر روني باسي
(René basset)
في سنة 1548 وقعت معاهدة لتوحيد قبائل ترارة تحت إشراف الولي الصالح
السيّد اليعقوبي لمحاربة الأسبان. فمنعهم هذا الرجل الشجاع مع جنوده ولم
يتمكن
الأسبان من احتلال ندرومة ونواحيها. وتوجد هذه الوثيقة في كتاب ــRené
basset ــ و الأصل لهذه الوثيقة يوجد بحوزة جمعية الآمال الموحدية
بندرومة.( وأتاحوا لنا الفرصة لقراءتها )
وقعت
حملتان مغربيتان لإخضاع ندرومة تحت الحكم المغربي: تحت قيادة مولاي محمد
الشريف سنة 1651، و الأخرى تحت قيادة سيدي إسماعيل سنة 1875، إلى أن زحف
عليها داي الجزائر سنة 1791.
في
سنة 1971م سلّم الأسبان الجزائر لداي الجزائر حسّان؛ وفي تلك الأثناء زحف
داي الجزائر إلى ندرومة؛ وأخضع سكانها؛ وألزمهم بدفع غرامة سنوية ثقيلة
تشمل على مائة قطعة من الكتان القطني. وأوقع الجيش الإنكشاري فتنة وسوء
معاملة سكان المدينة؛ كانت توجد فئة مؤيدة للأتراك ؛ وفئة مؤيدة للمغاربة؛
ثم بلغت الغرامة 1000 قطعة من الكتان القطني؛ وحسب ما ذكره الحاج حمزة بن
رحّال في تاريخه لندرومة فقد دفعت هذه المدينة الباي على غرامة أخرى عندما
عزم على هجوم بني وار سوس؛ وأولاد بني ددوش؛ وقتل عدد كبير من رؤسائهم .
وبقيت ندرومة تحت الحكم التركي إلى الاحتلال الفرنسي.
ــ ندرومة في عهد الاحتلال الفرنسي:
لم
تتميز فترة ما قبل الاحتلال بحوادث تؤثر على وضعية المدينة. كانت شؤون
البلدة مسيرة من طرف جماعة من الشخصيات البارزة، كانت تسهر على أمن
المدينة ونظامها، وتستخدم الضرائب للإصلاحات العامة .
ولما
بدأت المقاومة الجزائرية ، تحت لواء الأمير عبد القادر ضد الاحتلال
الفرنسي وقعت عدّت معارك في هذه النواحي؛ أهمها في سنة 1831؛ وقعت معركة
على ضفاف وادي تافنة؛ ضد الماريشال كلوز يل ؛ فقرّر الأمير عبد القادر أن
يجعل من ندرومة قاعة من الناحية الغربية ؛ ثمّ أجّل ذلك إلى سنة 1836
وبعد
1836، بعد الاشتباكات التي شنّها الأمير ضدّ....................في شهر
جويلية ؛ رجع إلى ندرومة؛ بعد هزيمة السكان، وأقام مقرا لمعالجة الجرحى من
جيوشه.
وفي
30 ماي 1837 احترقت معاهدة تافنة بملكية ندرومة للأمير عبد القادر؛ وفي
تلك الفترة عيّن الأمير السيّد الحاج حمزة بن رحال كإمام وقاضي بندرومة:
وذلك سنة 1155هـ/1839م
وفي
8 مارس 1842، زحفت على ندرومة كتيبة تحت قيادة الجينرال" بيدو" (Bedeau)
معززة بخيالة دواير مصطفى بن اسماعيل ؛فاستسلمت جماعة من سكان ندرومة.
امتنع الجنرال بيدو من اقتحام المدينة؛ وسلمت المدينة للفرنسيين 12 رهينة حرية؛ 6 منها من ندرومة وأخرى من بني مسهل.
ولكن بني منير لم يدفعوا أيّ رهينة، لأنّ رئيسهم كان قد استلم بتلمسان : ومصطفى بن اسماعيل هو الذي عيّن الرّهائن ;
وقد عرض القائد الغماري ، والقاضي حمزة بن رحّال نفيسها بنفيسها ليكونا من
عدد الرّهائن . وفي تلك الأثناء أصبحت قيادة ندرومة تحت رئاسة الحاج محمّد
النّقّاش وفي سنة1843، عاد الأمير إلى ناحية ندرومة ، وحاصرها ووقع إشتباك
بين جيشه والجيش الفرنسي تحت قيادة « Bedeau »
في باب تازة قرب ندرومة في الطّريق المؤدّي ألى مغنية : انتهى باحتلال
ندرومة من جديد ورجوع ... الفرنسيين إليها. وفي سنة 1844 ، بعد معركة إسلي
، أقامت فرنسا مركزا عسكريا بالغزوات تحت إشراف الكولونيل مونتانياك Montagnac) (.
وفي
سبتمبر1845تكبد مونتانياك خسائر فادحة وهزيمة شنعاء وأعدم جيشه بضريح
سيّدي إبراهيم قرب ندرومة ويبعد عنها بـ 18 كلم ، وكان القائد النقّاش
وسيطة بين الفرنسيين ورؤساء القبائل الفائزة لنواحي ندرومة ، وبعد معركة
سيدي إبراهيم ،عزل من منصبه ، وعاد الحاج حمزة من رحال إلى منصبه السّابق
. وقد تأثّرت معركة سيدي إبراهيم.المقاومة ...
وكانت جيوش الأمير عبد القادر تتردّد مرارا
هذه المدينة ونواحيها ، وقد خرجت جيوش ... لمّا توجّه إلى معركة سيدي، إبراهيم سنة1845 م
وفي
يوم 24 سبتمبر 1847 ، بعد محاصرة شديدة ، وسدود حميع المنافد على الحدود
إستلم الأمير عبد القادر للجنرال قرب ضريح سيدي إبراهيم ، تحت نخلة لازالت
قائمة لحد الآن ، وبها لوحة سجل عليها تاريخ الإستلام.
ومن
هناك سيق الأمير إلى الغزوات وحمل على متن باخرة المنفى وكان قائد مدينة
ندرومة أنداك السيّد الحاج بوزيان الغماري الدي صار صهر الحاج حمزة.
وبعد
هده الحوادث ، استمرّت البلدة تسيّر نفسها بواسطة جماعة من أعيان المدينة
على شرط أن توافق عليها السّلطات الإستعمارية وبعد ذلك صارت القيادة على
يد الحاج الأحسن ... من عرش بني منير ، ثمّ عين آغا ندرومة وترارة ، وتوفي
سنة 1858 عند إرسال حملة على بني وفي تلك السّنة خلفه الحاج حمزة بن رحال
قائدا على الغزوات : وذلك سنة 1860 م ، 29 رمضان 1276 هــ.
ولم
تبقى للجماعة المسيرة للبلدة ، أيّة حرية في تصرّفاتها : حيث أصبحت تحت
حكم السّلطات الإستعمارية : وتحت تصرّفاتها . وفي سنة 1880 م ، أصبحت
ندرومة بلدية مختلطة ، وأصبح رئيس الجماعة يحل محلّ آغا ومعترف به من طرف
السّلطات الفرنسية . كان تحت تصرّف مدينة ندرومة سبعة دواوير بني مير ،
بني مسهل ، السّواحلية ، زاوية. من الحوادث التي أقلت الشعب الجزائري ،
ومن ضمنه سكان مدينة ندرومة ونواحيها ، قضية التجنيد العسكري الإجباري ،
حيث أثار التجنيد الإجباري ضجّة كبيرة ووقعت مظاهر صاخبة يوم الخميس 25
أفريل 1912، وفي ليلة 21 ماي وقعت محاولة قتل قائد عرش جبالة . وقامت ضجّة
أخرى يوم الخميس 23 مارس ثار السّكان إثرها ، ونودي للجهاد في سبيل اللّه.
ولمعارضة
هذا التجنيد ، هاجر كثير من السّكان إلى الخارج ، وفرّوا إلى الجبال . فقد
أثارت هذه القضية مشاعر السّخط في كل أنحاء البلاد (1) ساءت الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية خلال العشرينات والثلاثينات والأربعينات.
وفي سنة 1932 : قام الإمام عبد الحميد بن باديس ، بجولة زار خلالها مدينة ندرومة والمدن المجاورة لها (2)
وقام
الشيخ البشير الإبراهيمي بزيارة إلى تلمسلن يوم الخميس من يبتمبر 1949م ،
وبات ليلة السّادس منه بندرومة ، ثم عاد إليها يوم 11 سبتمبر 1949م
لأفتتاح مدرسة "عبد المؤمن بن علي" التابعة لحركة جمعية العلماء وبهذه
المناسبة أقيم مهرجان كلّه بهجة وحماس : واسبشرا الأهالي بهذه المبادرة
الطيّبة ، واستقبلت الوفود بجمعية الآمال بحفاوة ، وكان لهذه المدرسة
الحرّة الأثر البالغ في تكوين الشباب وتثقيف وتهذيبه وتوعية الجماهير التي
أقفلت أبوابها للسّطات الإستعمارية يوم الأربعاء 7 مارس 1956 بأمر من عامل
العمالة ، إثر حادثة قتل وقت في ....... تميّزت فترة الخمسينات بظهور نشاط
إجتماعي وسياسي وثقافي ، فقامت الحركة الإصلاحية بدور فعّال في المساجد
والمدرسة الحرّة .
أحدثت يقظة وتوعية عن طريق التّدريس ، وإلقاء دروس الوعظ والإرشاد وبت الرّوح الوطنية ، وتوجيه الشعب توجيها عربيا إسلاميا وطنيا .
وقامت
حركة جمعية العلماء الطّرقيّة والإنحراف الدّيني : وأحدثت ضجّة كبيرة لدى
الطريقتين المتزمنين الذين أصبحوا من المنبوذين : وكانت عداوة حادة بين
الإصلاحيين والطرقيين.
وكان
مدير المدرسة الحرة الشيخ عبد الوهاب بن منصور ، من الرواد الدين ساهموا
في بعث اليقظة العربية الإسلامية عن طريق التّدريس في المدرسة والمسجد ،
فبدأت الأذهان تنفتح ، والعقول تبحث عن غداء جديد في الفكر الإسلامي .
ولعبت
الكشّافة الإسلامية دورا بارزا في تعليم الأبناء ، وتكوينهم تكوينا وطنيا
. فكانت الجمعية والكشفيّة تعلّم الأناشيد الوطنية الّتي تعرف بالشّخصية
الإسلامية ، وتحت عللى التّضحية وحبّ الوطن .
ولاشكّ
أن تلك الشبيبة الّتي تعلّمت في المدرسة الحرّة ، وتكونت في الكشافة
الإسلامية ، أنها كانت طليعة المجاهدين إبّان الثورة ، وهي من الإطارات
الساميين في الحكومة الجزائرية.
وزيادة
على الدّور الذي قامت به الحركة الإصلاحية والكشفية ، هناك الهيئات
والحركات السياسية التي كان لها الدور الهام في توعية الجماهير ، وبثّ
الرّوح النّظالية فيهم ، كانت توجد بالمدينة فرق من حركة إنتصار الحريّات
الدّيموقراطية (M.T.L.D) وفرّقمن حزب الإتّحاد الدّيموقراطي للبيان الجزائري (U.D.M.A) وفئات أخرى من هيئات سياسية مختلفة .
وهكذا
دبّ النشاط واليقظة خلال الخمسينات وتتغيّرت الأوضاع الإجتماعية وأصبحت
واعية بالأحداث ، تنتظر بفارغ الصّبر إندلاع الثورة التحريرية الكبرى.
مدينة ندرومة ونواحيها
عنوان المحاضرة :
ــ مدينة ندرومة عبر العصورــ
بقلم الدكتورة: السيدة أنيسة بركات (مولودة درار).
الجزائر في 15 أكتوبر 1987
الملتقى التاريخي الأول حول مدينة ندرومة و نواحيها
ــ مدينة ندرومة عبر العصورــ
ــ مقدمة:
مدينة
ندرومة العتيقة؛ مدينة العلم والفن و التاريخ؛ هي مهد أمير المؤمنين عبد
المؤمن بن علي؛ كانت منذ القدم مأوى شخصيات تاريخية بارزة؛ وكانت الثورة
حقل المجاهدين الأبطال هذه الأرض الأصيلة، الطيبة أنجبت أبناء نجباء،
لعبوا دورا هاما عبر العصور في ميادين السّياسة و الثقافة و الفنون؛ وهم
اليوم يساهمون في تشييد الجزائر الحرة.
مدينة
ندرومة هي مسقط رأسنا وموطن أجدادنا الأجلّة الذين برز منهم العلماء
والأئمة. وكان والدنا الحاج مصطفى بن موسى الدّرار ــ رحمه الله ــ ذو علم
وجاه؛ وكان من وجهاء المدينة ومن مناضليها الأبرار.
ولنا
بهذه المدينة الحبيبة روابط الأصل؛ وذكريات الكفاح المجيد؛ حيث كنت مجاهدة
في جيش التحرير في نواحي ندرومة في المنطقة الثانية من الولاية الخامسة ؛
وأصبت بجروح سنة 1957 في جبل تاجرة، في بني عابد؛ وكان لي الشرف العظيم أن
أرفع علم الجزائر الحرة.
ألقيت
خطابا بمناسبة تلك الذكرى الخالدة في مهرجان كله بهجة وسرور. واليوم
تسعدني ويشرفني أن أساهم في هذا الملتقى التاريخي الأول حول مدينة ندرومة
وضواحيها.
وأتمنى المزيد من البحوث حول هده المدينة العريقة ذات التاريخ المجيد؛ وهي تستحق أن نصفها بهذه الأبيات للأمير عبد القادر، حيث يقول:
لنا في كل مكرمة مجال * ومن فوق السماك لنا رجال
ومن لم يذل في كل عصر * وجال للرجال هم الرجال
ــ موقعها:
تتميز ندرومة بموقع حصين إستراتيجي للدفاع وجميل، توجد هذه المدينة في أقصى غرب الجزائر؛ وهي غير بعيدة عن الحدود المغربية.
أسست في جنوب سفح جبل فلوسن؛ وهي تمتد على أواخر منحدرات هذا الجبل في ارتفاع يتخلل بين 360م-470م
ويعتبر
جبل فلوسن أعلى قمم جبل ترارة ؛ حيث يبلغ ارتفاعه 1136م يقابل المدينة
البحرالأبيض المتوسط؛ وتبتعد عنه على خط مستقيم بـ 6كلم ، تقع بين وادي ؛
وادي الحمراء من جهة الشرق ؛ ووادي الدمين من جهة الغرب.
وتشرف على سهل مزاوروا الخصيب؛ ويحدها من جهة الغرب سيدي يوشع؛ ويبعد عنها بـ 18كلم.
ومن
الجهة الجنوب يحدها جبل فلوسن من الجهة الشرقية مدينة تلمسان التي تبعد
عنها بـ 60كل؛ ومن جهة الغرب مدينة مغنية؛ وتقع في شمال الطريق المؤدي من
تونس إلى المغرب.
ومنذ القديم: كانت لها علاقات بالمدن الكبرى المجاورة سواء عن طريق البحر و البر.
يبلغ عدد سكانها حسب إحصائيات سنة 1984، كما يلي:
المدينة وحدها : 15752 نسمة
البلديـــــــــــة : 21176 نسمة
الدائــــــــــرة : 40764 نسمة
والنسبة المئوية على مستوى الوطن 3.5 بالمئة
ومدينة
ندرومة قديمة بها أسوار؛ تعود إلى عهد عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين.
إن نمط هندستها المعمارية؛ يشبه المدن القديمة المعروفة بالجزائر؛ ذات
طابع إسلامي؛ لها ساحة وسط المدينة؛ يوجد بها الجامع الكبير؛ و أزقة ضيقة
وملتوية؛ وسوق ومنازل عتيقة ذات سطوح.
أهم أحيائها: حيّى بني زيد، التربيعة، بني عفان؛ قناوة؛ وحتى سيدي يحيى؛ وخارج المدينة حي سيدي عبد الرحمن
وأصبحت
المدينة تمتد مساحتها طول طريق الغزوات؛ وجبالة وزاوية اليعقوبي؛ ولها
أحياء جديدة ذات الأنهج العريضة و الواسعة منها: حيّى بن باديس؛ وحوض
الخنزيرة؛ وحيّى داقيوس؛ ومنازلها ذات شكل متناسق ولها مستوى واحد.
وأهم نشاطات المدينة: الصناعة التقليدية؛ التجارية و الفلاحة.
المقــــــــــــــــــر | السكـــــــــــن | العائـــــــــلات | عدد السكان |
-ندرومة -القرية الإشتراكية -الخريبة الجديدة -العين الكبيرة -زاوية اليعقوبي -الحمري بن عامر عدد سكان الدائرة: بلدية ندرومة : فلوسن: جبالة الإزدياد: ذكور: 9059 إناث: 8645 المجموع: 17704 | 3079 99 135 118 157 54 الوفيات: الذكور: 2416 الإناث: 2528 المجموع: 4934 | 2805 93 118 108 107 67 الزواج 4169 | 15752 556 473 608 606 43 40.764 21176 1028 8560 |
ــ تاريخ تأسيس ندرومة:
تاريخ تأسيس ندرومة غير معروف: هناك آراء مختلفة حول نشأة هذه البلدة
يبقى
المشكل المطروح حول بداية ظهور التجمعات الحضرية في هذه المدينة ؛ وظروف
الاستقرار العمراني؛ وكل ما يتعلق بالسكان الأصليين الأوائل الذين كانوا
يقطنون بهذه المدينة.
لا
توجد الوثائق التي ترشد الباحث حول هذا الموضوع؛ ويبقى علم الآثار وحده
الذي يكشف الحقيقة؛ ويعطي الجواب لهذه الأسئلة. أن هذه المنطقة تحتوي على
مؤهلات؛ وظروف طبيعية لمأوى الإنسان منذ القديم؛ حيث توجد كهوف ومغارات
محصنة؛ وجبال وسهول وغابات ونباتات؛ ووفرة المياه؛ ومناخ وموقع جميل؛ وقد
أشار ‘ستيفان اقزال (stephan gsell)1
المؤرخ الأثري إلى وجود صفحات صغيرة من الصوان؛ وقطع من الخزف في الكهوف
الموجودة على الشاطئ الأيمن لوادي الغزوات.وهناك أسطورة يرويها أهالي
البلدة حول قوم أتوا في القديمة إلى هذه الناحية وهيّ تلفت الانتباه
يقال
أن قوما من الرحل أتوا في عهد ما قبل التاريخ؛ وقبل تأسيس مدينة ندرومة؛
وصلوا إلى هذه الناحية والتجئوا داخل مأوى كهف يدعى " سطح الكاف " و الكاف
هو اسم القوم الذين قدموا إلى هذا المكان فناموا نوما عميقا مدّة طويلة من
الزمان داخل الكهف. ولما استيقظوا خرجوا من ملجئهم؛ فوجدوا المدينة
متأسسة؛ قائمة أمامهم؛ فاندهشوا لهذه الرؤية فهربوا إلى المغارة من الخوف
و التجئوا في أعماقها.
اليعقوبي 2 هو أول من تحدث عن ندرومة في كتاب :" البلدان " الذي ألفه بين سنتي 876م-889م
يرى
بأن ندرومة حلت محلّ قرية بربرية، كانت تدعى فلاوسن: فانتقل اسمها إلى
حبلها المذكور أعلاه المدعو " فلوسن " : وهي كلمة بربرية مشتملة على
كلمتين "أفلا" فوق و"أعلى" و"أوسن" تعني قرية.
ظهر اسم ندرومة ما بين القرنين الثالث و الخامس الهجريين (9 ـــــــ 11م) هو
اسم قبيلة بربرية من فرع بطون الكومية الذين هم من بني فاتن بن تمصيت بن
ضرس؛ كما ذكر ابن خلدون : أن البكري الذي عاش في القرن الخامس الهجري هو
الذي ذكر لأول مرة اسم ندرومة: بسطح جبل عالي يدعى فلوسن؛ وقال: في شمال
وغرب البلدة، تمتد سهول خصبة وأراضي مزروعة؛ هي على بعد عشر أميال من
البحر هي بلدة عظيمة؛ محاطة بأسوار مسقية بواد على جوانبه بساتين تنتج من
الفواكه و الثمار من كل نوع؛ ويربطها بالبحر مجرى وادي ماسين ينتهي إلى
مرسى ماسين.
ويصفها الإدريسي 3
الذي عاش في القرن السادس الهجري بأنها مدينة كبيرة عامرة؛ آهلة ذات سوق
وسور؛ وموضعها في سند؛ ولها مزارع كثيرة ؛ ولها وادي يجري في شرقها؛
وعليها بساتين جنان عامرة؛ وسقى كثيرة.
وممّن تحدّثوا عن تاريخ ندرومة: " ليون الإفريقي " في القرن 16م و " ومارمول"
"Marmol"-4 في القرن 17 و "شاو" (shaw) 5 في القرن 18م ؛ و"كانال" (canal)6 و" روني باسي" (René basset)7 في القرن العشرين، و" ألفريد بال" ( Alfred bel)8 في دائرة المعارف الإسلامية...وغيرهم.
يذكر
ليون الإفريقي بأن هذه البلدة شيّدت قديما من طرف الرومان حينما أخضعوا
هذا القسم من إفريقيا ؛ و أسسها في موقع واسع محيط بأسوار؛ قرب الجبل،
أمام سهل جميل؛ يبعد عن البحر بـ 12 أميال.
يقرأ
عند المؤرخين القدامى بأن الرومان أقاموها في هذا المكان بنفس الشكل الذي
نراه في روما. لهذا السبب أخذت الاسم ندرومة لأن ند في اللغة الإفريقية
يعني يساوي نفس الشيء أو يشابه.← ندرومة مثل روما.
غير
أن ليون الإفريقي مخطئ في رأيه: ويؤكد روني باسي بأن هذا التأويل غلط.
ويرى (lowis piesse) لويس بييس بأن ندرومة هي القلامة الرومانية "la kalama
" ؛ وهذا غير صحيح؛ لأن لا أثر يدل على بناء روماني.
ذكر
" ماك كارتي " أنها قلامة ؛ وهذا الرأي مخطئ لأن هذه المدينة كانت موجودة
على الضفة الشمالية لوادي تافنة في الداموس من ناحية بني مسهل حيث وجدوا
بها
مدالية...عاصمة سيفاقس(Sigha capital de siphax) ؛ ولكن هذا التأويل غلط
لأن سيقة عثر عليها من طرف علماء الآثار؛ وتوجد في مكان آخر . وهناك تضارب
آراء مختلفة يطول ذكرها.
وهكذا
البعض يقول يأن مدينة ندرومة مدينة عربية شيدت على أطلال مدينة رومانية.
ويختلف البعض الآخر أمثال البكري و الإدريسي ابن خلدون وآغا ندرومة الحاج
حمزة بن رحال؛ ويقولون بأن بلدة ندرومة بربرية أسست من طرف الأفارقة؛ ونجد
كانال-canal-
يميل إلى هذا الرأي؛ و المتفق عليه وكما أكدته روايات السكان الأصليين أن
مدينة ندرومة شيدت في سنة 555هـ /1160م من طرف السلطان عبد المؤمن بن علي،
أمير الموحدين على أنقاض وخراب مدينة بربرية كبيرة.
لا
يعرف تاريخ تأسيسها؛ وأسوارها القديمة تذكر بناء عاصمة قديمة كما ذكر لويس
بييس - lowis piesse- و الحاج حمزة بن رحال تاريخ تأسيس مدينة
ندرومة؛ ونقل ابنيه محمد بن رحال ابن الحاج حمزة من حيث
وثيقة أبيه من العربية إلى الفرنسية؛ وبدورنا ترجمناها إلى
الحاج حمزة :" حينما تحدث مؤلف " روض القرطاس
كانت
البلاد تدعى بإفريقيا: في العام الثاني؛ بعدما نظم جيشا قويا فتح المغرب
الأقصى لتوسيع مملكته التي كانت عظيمة آنذاك. وفي طريقه من وهران إلى
تلمسان؛ طلبت منه الجيوش التي كانت تابعة له الرجوع إلى ديارهم، فسمح لهم
الأمير عبد المؤمن بذلك؛ ولم يبقى معه إلا ألف رجل من كل قبيلة؛ أبقاهم
معه ليعزز ويستمر في فتوحاته، غير أن الجنود ثأروا لأنهم لم ينالوا من
قائدهم الجزاء المنتظر منه.
وقع
اجتماع سري بين رؤساء الجيش ؛ وقرّروا قتل الأمير تلك الليلة. كان يوجد
بينهم رجل وليّ صالح يدعى أحمد البجايي؛ فسمع هذه المؤامرة؛ فأسرع يخبر
الأمير على هذه الدسيسة. وطلب منه أن يقوم مقامه لينقد ها الأمير . فأذن
له عبد المؤمن أن ينام في الخيمة الملكية؛ وفي الغد وجدت جثة الوليّ
مملوءة بالدّم على سرير الأمير؛ فنقل هذا الشهيد على ظهر ناقة؛ ثم تركوها
تسير لوحدها إلى أن توقفت في المكان الذي مكثت فيه الناقة؛ أمر السلطان
عبد المؤمن أن تتأسس المدينة فيه؛ وهكذا شيدت مدينة ندرومة؛ ويقال أن
قبيلة غمارى من سلالة الجنود الأسرى الذين كانوا في القصبة على عهد
الموحدين.
والسؤال المطروح هو: هل كان هذا الأمير هو المؤسس الحقيقي لندرومة؟ أم أقامها على أنقاضها ؟
و
الأرجح هو الرأي الأخير حسب الحاج حمزة بن رحّال حيث يقول: حينما حفرت
الأرض وجدوا بها حقل؛ وجدران؛ وآجور وركام من الحجر يدلّ على وجود مدينة
من قبل.
هذه
الأسوار الباقية إلى يومنا هذا ترجع إلى عهد عبد المؤمن. أما الحائط إذا
كان مبنيا في عهده، لابد أن يبقى قائما ؛ ولطن آثاره اندثرت؛ وهكذا نرى
بأن هذا السور كان قديما؛ وكان موجودا قبل قدوم الأمير الموحدي الذي لم
يشيد في حقيقة الأمر إلا جانبا من ندرومة ؛ ويؤكد الحاج حمزة قائلا: إذا
رأينا سور المدينة القديم؛ فإنه يدل على وجود مدينة كانت أعظم ممّا هي
عليه حاليا.
ويذكر
أن عبد المؤمن أراد أن يشيد مدينة في ناحية العين الكبيرة التي تبعد بسبع
أو ثمان كلم عن ندرومة ؛ فشرع في بناء الأسوار التي هي قائمة لحدّ الآن ؛
غير أنه غيّر رأيه عندما سمع أحد السكان ينطق بكلمة مشئومة وهكذا أسست
مدينة ندرومة.
يرى
البعض أن كلمة ندرومة كانت تدعى مدينة البطحاء أو فلوسن؛ وهو اسم الجبل
الذي يحمل حاليا هذا الاسم. أما معنى كلمة ندرومة يقول البعض أتت من" ضد"
رومة أو "ندرومة" بمعنى تشابه روما. غير أن هذا الرأي أهمل لأن ندرومة
معناه " نظروا الماء " وهذه العبارة قد نطق بها الفرسان العرب الذين أتوا
من تلمسان نحو هذه الناحية؛ ولما رأوا ماء البحر؛ نطقوا بكلمة " أنظروا
الماء " التي أصبحت ندرومة. وهكذا من يقول بأن ندرومة تأتي من كلمة بربرية
تنظر مت ثم عرّبت: ومعناها: توسيع سهل في سطح الجبل.
أما ابن خلدون، فيذكر بأن مدينة ندرومة أخذت اسم قبيلة ندرومة التي هي من بطن الكومية. أما الكومية الذين يعرفون بصطفورة لهم
بطون ثلاث: ندرومة- مغاوة – بنو بلول أحفاظهم كثيرة منهم بنو عابد قوم عبد
المؤمن بن عليّ. وكومية يعرفون بسطفورة بنو فاتن ابن تمصيت أو تمزيت ابن
دارس بن راهق؛ ابن مادغيس الأبثر.
في
عهد الأدارسة في القرن التاسع الميلادي(9م) كانت مدينة تدعى فلوسن، ولم
تكن تحمل اسم ندرومة؛ وكانت آنذاك عاصمة النواحي المجاورة لها التي أصبحت
تحمل في القرن الخامس باسم ترارة(بمعنى ترارس: الرجال الصناديد الشجعان).
وترارة
مجموعة من القبائل الكومية لتلك الناحية؛ يبدوا أن العرب أدخلوا هذه
القبائل إلى الإسلام على عهد الأدارسة؛ غير أننا لا نعرف شيئا كيف تعرّبوا
هؤلاء البرابرة؛ وكيف تقبلوا الفتح الإسلامي و الدين الإسلامي. ربما كان
يوجد بهذه المدينة مركز ديني من الخوارج الصفرية في القرن الثامن
الميلادي؛ وأصبحت هذه المدينة حتّى القرن الحادي عشر(11م) تتميز بمكانة
مرموقة في ميدان الدين الإسلامي: كان لها أثر على القبائل الكومية
ــ ندرومة في عهد المرابطين في القرنين الخامس و السادس الهجريين):
في
سنة 1078م كان يوسف ابن تاشفين أمير قبائل المرابطين وموطد أركان الدولة
المرابطية، كان يسعى لتوحيد المغرب العربي تحت سلطة المرابطين، فأرسل جيشا
لفتح تلمسان سنة 1079م فقاد بن تاشفين حملة ثانية على تلمسان؛ فدخلها سنة
445هـ.
وفي
القرن الخامس و السادس الهجري، نشر المرابطون الإسلام في نواحي ترارة،
وانتشرت الثقافة والدراسات الدينية وشيد مسجد مدينة ندرومة في عهد
المرابطين.
في سنة 1900م عثر روني باسي- René basset- على لوحة من شجر الأرز كانت جزء من منبر الجامع الكبير
وهي
مكتوبة بالخط الكوفي: ونقلها" باسي" إلى متحف الآثار القديمة بالجزائر
العاصمة ويصف باسي هذه اللوحة قائلا: ارتفاع هذه اللوحة هو متر وعرضها
0.728.ارتفاع كل سطر 0.054م- 0.065م. وعدّة أسطر انمحت سنة 474هـ
/1082م-1081م في عهد يوسف بن تاشفين الذي كان يحكم المغرب الوسط آنذاك.
فهي معاصرة لمنبر سيدي عقبة الذي يعتبر أقدم منبر في الجزائر كيبي على هذه اللوحة ما يلي:
"
بسم الله الرحمن الرحيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين وسلم
تسليما؛ لا إله إلا الله ومحمد رسول الله: إن الدين عند الله الإسلام؛ ومن
يبع غير الإسلام دينا؛ فلن يقبل منه؛ وهو في الآخرة من الخاسرين".
هذا
مما أنعم له به الأمير السيّد... بن يوسف بن تاشفين أدام الله توفيقه
وأجزاء... (و) كان الفراغ منه على يدي الفقيه أبي محمد عبد الله بن سعيد
يوم الخميس السابع عشر من شهر...و(والسطران الأخيران ممحوان). وكانت
النقود في عهد يوسف بن تاشفين تشتمل على العبارة؛ ومن يبتغي غير الإسلام
إلى آخر...
ــ ندرومة في عهد الموحدين(أي في القرنين السادس و السبع هجري):
لمّا وصف الإدريسي مدينة ندرومة في سنة 1134م، ذكر أنها مدينة قديمة وكبيرة؛ لها خصائص العمران المدني.
يذكر التاريخ بأن المؤسس الحقيقي لندرومة هو الأمير عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين.
ولد
عبد المؤمن بن علي سنة 487هـ- سنة558هـ/(1094 – 1163) بتاجرة قرب ندرومة؛
ولما أصبح أميرا؛ كان يعتمد على قبيلته الكومية؛ وعلى قبائل الناحية
لتسيير شؤون الدولة الموحدية.
تعتبر
مدينة ندرومة معهد الموحدين؛ وقد عرفت ازدهارا وشأنا آنذاك وكانت تتمتع
بنوع من الاستقلال؛ ولم تخضع للهجومات والاضطرابات التي كانت تهددها في
سنة 629؛ ذهب يوسف العبد الوادي الذي كان واليا على تلمسان من طرف إدريس
المأمون ألموحدي؛وهو عاشر أمراء الموحدين؛ ذهب لضرب الحصار على ندرومة سنة
629هـ- (1231 – 1232م) لأنها رفضت مبايعته؛ ولم تخضع له؛ وقام أحد سكانها
المسمى يوسف الغفار التلمساني ورماه بسهم وبحجر من صورها فقتله؛ واستمرت
ندرومة متمتعة باستقلالها في تلك الأثناء، إلى أن مال نجم الدولة الموحدية
إلى الأفول. فتقلص إثرها نفوذ الموحدين في الوادي؛ وتعرضت ندرومة إلى
هجومات وفتن وصراعات مستمرة.
ــ ندرومة في عهد بني مرين من سنة 688هـ إلى 796هـ:
كانت
تلمسان هي عاصمة بني عبد الواد وفاس وعاصمة بني مرين. وكلتا الدولتين من
قبيلة زناتة، كانت هاتان الدولتان في صراع مستمر؛ ودام النزاع طوال حكم
إيموغراسن( 1235م- 1283م).
كان
هارون بن موسى رئيس قبيلته؛ الطاغرت بتاونت قرب الغزوات مواليا للسلطان
المريني واحتل ندرومة؛ ثم أرجعها يغمراسن إلى نفوذه؛ ثم أخذها من جديد
المرييون وأرجعوها إلى مارون بن موسى: ثم أخذها مرة أخرى الملك عبد الوادي
من يغمراسن حوالي سنة 667هـ ( 1268 – 1269)
لم
تعد إلى الحكم بني مرين إلا في أواخر القرن السابع هجري؛ حيث دخل أبو
يعقوب يوسف المريني على تلمسان؛ وأراد قطع كل المواصلات عن هذه المدينة ؛
ودخل إلى ندرومة في شهر رمضان 696هـ جوان 1297م؛
وحاصر ندرومة ؛ هذا بمضي أكثر من شهر؛ ورماها بوابل من الحجارة ليجبرها
إلى الخضوع. ولم يقض عليها؛ وفي أوت 1297م تركها وفك الحصار عليها، ثم
توجه إلى وهران.
وحين
دخوله إلى المغرب، ترك يوسف جيشا تحت قيادة أخيه أبي بكر بن يعقوب؛ فخرب
نواحي ندرومة؛ وكان زكريا بن يخلفتن المطغري واليا على ندرومة وتامنت قرب
الغزوات؛ كان مواليا لبني مرين؛ فتآمر معهم وسلّم ندرومة إلى أبي يحي
المريني؛ وهكذا قدم شيوخ المدينة خضوعهم إلى أبي يعقوب يوسف.
بقيت
ندرومة تعاني من اضطهاد بني مرين؛ طيلة اثنتي عشر سنة ودامت هذه المعاملة
السيئة إلى سنة 747هـ - 1347م؛ ثم تولى تسيير أمور المدينة، الأمراء
الحفصيون: إلى أن احتل أبو الحسن المريني المغرب الأوسط وفي عهد أبي أبي
عنان المريني، استرجع أبو سعيد العبد الوادي من أبو ثابت ملكهما بتلمسان؛
وذلك سنة 1348م؛ وفي تلك الفترة ثار ضدهما إبراهيم بن عبد المالك من قبيلة
بني عابد؛ غير أن أبا ثابت كان له بالمرصاد؛ واحتل إثر هذا النزاع هنين
وندرومة، أبو يوسف يعقوب، أخو سعيد وأبو ثابت من بني عبد الواد؛ واعتزل
بهذه المدينة ؛ وعاش بعيدين عن كل نشاط سياسي. وكان معه ابنه أبو حمّو
موسى الثاني، مقتفيا سيرة أبيه؛ وتزوج في تلك الأثناء، فولد ولد سنة
752هـ، سمّاه أبى تاشفين؛ وهو أكبر أبناءه، ثم عادت مدينة ندرومة إلى نفوذ
بني مرين في تلك الحقبة؛ فأمر أبو عنان المريني أن يعامل أبا يعقوب؛ وابنه
معاملة حسنة؛ وبعدئذ أخذهما إلى عاصمته فاس وأكرمهما، ثم عاد بعدئذ إلى
تلمسان.
وفي سنة 749هـ/1348م بنيت صومعة المسجد الكبير، منارتها يبلغ طولها 18م؛ وتوجد في أسفله لوحة من المرمر مكتوب عليها ما يلي:
"
بسم الله الرحمن الرحيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد، بنى هذا الصامع أهل
ندرومة بأموالهم وأنفسهم؛ وكل احتساب لله وانبنت في خمسين يوما وسبع هاته
– رحمة الله – أجمعين "
من
الملاحظ أن أخطاء عديدة توجد بهذا النص( كتبناه كما ورد في الأصل) يرجع
تاريخ الصومعة إلى إمارة بني عبد الواد الزيانية. أبي سعيد عثمان الثاني
سنة 749هـ/1348م وهو سادس أمرائهم. وإلى عهد إمارة بني مرين؛ أبي عنان
فارس المتوكل الحادي عشر من أمراءهم.
ويبدو
أن قدوم أبي يعقوب يوسف السلطان، التقي الصوفي إلى مدينة ندرومة كان دافعا
وحافزا لبناء هذه الصومعة في أقل من شهرين. و هذه الصومعة كانت للأذان
والحراسة والاتصال بجهات أخرى بواسطة الإشارات النازية: ويبلغ عمر الصومعة
حاليا ستة قرون وستة وأربعين سنة 646. إن الإنسان يشعر بطمأنينة وسكينة
تميل النفس إلى العبادة ؛ والخشوع؛ فيغمرها الألفة لما تجده من بساطة
وصفاء تبلغ صفة الكمال وفي القرن التاسع الهجري ظهرت حملة صوفية عمّت
البلاد ؛ وانتشرت في ندرومة ونواحيها؛ وبقيت مؤثرة في هذه المدينة إلى
عصرنا
الحاضر، حيث كان يوجد بها 296 ولي صالح؛ و 9 نساء وليات صالحات
وعدّة زوايا ومساجد ومربيون في شتى الطرق الصوفية حسب ما ذكر روني باسي
(René basset)
في سنة 1548 وقعت معاهدة لتوحيد قبائل ترارة تحت إشراف الولي الصالح
السيّد اليعقوبي لمحاربة الأسبان. فمنعهم هذا الرجل الشجاع مع جنوده ولم
يتمكن
الأسبان من احتلال ندرومة ونواحيها. وتوجد هذه الوثيقة في كتاب ــRené
basset ــ و الأصل لهذه الوثيقة يوجد بحوزة جمعية الآمال الموحدية
بندرومة.( وأتاحوا لنا الفرصة لقراءتها )
وقعت
حملتان مغربيتان لإخضاع ندرومة تحت الحكم المغربي: تحت قيادة مولاي محمد
الشريف سنة 1651، و الأخرى تحت قيادة سيدي إسماعيل سنة 1875، إلى أن زحف
عليها داي الجزائر سنة 1791.
في
سنة 1971م سلّم الأسبان الجزائر لداي الجزائر حسّان؛ وفي تلك الأثناء زحف
داي الجزائر إلى ندرومة؛ وأخضع سكانها؛ وألزمهم بدفع غرامة سنوية ثقيلة
تشمل على مائة قطعة من الكتان القطني. وأوقع الجيش الإنكشاري فتنة وسوء
معاملة سكان المدينة؛ كانت توجد فئة مؤيدة للأتراك ؛ وفئة مؤيدة للمغاربة؛
ثم بلغت الغرامة 1000 قطعة من الكتان القطني؛ وحسب ما ذكره الحاج حمزة بن
رحّال في تاريخه لندرومة فقد دفعت هذه المدينة الباي على غرامة أخرى عندما
عزم على هجوم بني وار سوس؛ وأولاد بني ددوش؛ وقتل عدد كبير من رؤسائهم .
وبقيت ندرومة تحت الحكم التركي إلى الاحتلال الفرنسي.
ــ ندرومة في عهد الاحتلال الفرنسي:
لم
تتميز فترة ما قبل الاحتلال بحوادث تؤثر على وضعية المدينة. كانت شؤون
البلدة مسيرة من طرف جماعة من الشخصيات البارزة، كانت تسهر على أمن
المدينة ونظامها، وتستخدم الضرائب للإصلاحات العامة .
ولما
بدأت المقاومة الجزائرية ، تحت لواء الأمير عبد القادر ضد الاحتلال
الفرنسي وقعت عدّت معارك في هذه النواحي؛ أهمها في سنة 1831؛ وقعت معركة
على ضفاف وادي تافنة؛ ضد الماريشال كلوز يل ؛ فقرّر الأمير عبد القادر أن
يجعل من ندرومة قاعة من الناحية الغربية ؛ ثمّ أجّل ذلك إلى سنة 1836
وبعد
1836، بعد الاشتباكات التي شنّها الأمير ضدّ....................في شهر
جويلية ؛ رجع إلى ندرومة؛ بعد هزيمة السكان، وأقام مقرا لمعالجة الجرحى من
جيوشه.
وفي
30 ماي 1837 احترقت معاهدة تافنة بملكية ندرومة للأمير عبد القادر؛ وفي
تلك الفترة عيّن الأمير السيّد الحاج حمزة بن رحال كإمام وقاضي بندرومة:
وذلك سنة 1155هـ/1839م
وفي
8 مارس 1842، زحفت على ندرومة كتيبة تحت قيادة الجينرال" بيدو" (Bedeau)
معززة بخيالة دواير مصطفى بن اسماعيل ؛فاستسلمت جماعة من سكان ندرومة.
امتنع الجنرال بيدو من اقتحام المدينة؛ وسلمت المدينة للفرنسيين 12 رهينة حرية؛ 6 منها من ندرومة وأخرى من بني مسهل.
ولكن بني منير لم يدفعوا أيّ رهينة، لأنّ رئيسهم كان قد استلم بتلمسان : ومصطفى بن اسماعيل هو الذي عيّن الرّهائن ;
وقد عرض القائد الغماري ، والقاضي حمزة بن رحّال نفيسها بنفيسها ليكونا من
عدد الرّهائن . وفي تلك الأثناء أصبحت قيادة ندرومة تحت رئاسة الحاج محمّد
النّقّاش وفي سنة1843، عاد الأمير إلى ناحية ندرومة ، وحاصرها ووقع إشتباك
بين جيشه والجيش الفرنسي تحت قيادة « Bedeau »
في باب تازة قرب ندرومة في الطّريق المؤدّي ألى مغنية : انتهى باحتلال
ندرومة من جديد ورجوع ... الفرنسيين إليها. وفي سنة 1844 ، بعد معركة إسلي
، أقامت فرنسا مركزا عسكريا بالغزوات تحت إشراف الكولونيل مونتانياك Montagnac) (.
وفي
سبتمبر1845تكبد مونتانياك خسائر فادحة وهزيمة شنعاء وأعدم جيشه بضريح
سيّدي إبراهيم قرب ندرومة ويبعد عنها بـ 18 كلم ، وكان القائد النقّاش
وسيطة بين الفرنسيين ورؤساء القبائل الفائزة لنواحي ندرومة ، وبعد معركة
سيدي إبراهيم ،عزل من منصبه ، وعاد الحاج حمزة من رحال إلى منصبه السّابق
. وقد تأثّرت معركة سيدي إبراهيم.المقاومة ...
وكانت جيوش الأمير عبد القادر تتردّد مرارا
هذه المدينة ونواحيها ، وقد خرجت جيوش ... لمّا توجّه إلى معركة سيدي، إبراهيم سنة1845 م
وفي
يوم 24 سبتمبر 1847 ، بعد محاصرة شديدة ، وسدود حميع المنافد على الحدود
إستلم الأمير عبد القادر للجنرال قرب ضريح سيدي إبراهيم ، تحت نخلة لازالت
قائمة لحد الآن ، وبها لوحة سجل عليها تاريخ الإستلام.
ومن
هناك سيق الأمير إلى الغزوات وحمل على متن باخرة المنفى وكان قائد مدينة
ندرومة أنداك السيّد الحاج بوزيان الغماري الدي صار صهر الحاج حمزة.
وبعد
هده الحوادث ، استمرّت البلدة تسيّر نفسها بواسطة جماعة من أعيان المدينة
على شرط أن توافق عليها السّلطات الإستعمارية وبعد ذلك صارت القيادة على
يد الحاج الأحسن ... من عرش بني منير ، ثمّ عين آغا ندرومة وترارة ، وتوفي
سنة 1858 عند إرسال حملة على بني وفي تلك السّنة خلفه الحاج حمزة بن رحال
قائدا على الغزوات : وذلك سنة 1860 م ، 29 رمضان 1276 هــ.
ولم
تبقى للجماعة المسيرة للبلدة ، أيّة حرية في تصرّفاتها : حيث أصبحت تحت
حكم السّلطات الإستعمارية : وتحت تصرّفاتها . وفي سنة 1880 م ، أصبحت
ندرومة بلدية مختلطة ، وأصبح رئيس الجماعة يحل محلّ آغا ومعترف به من طرف
السّلطات الفرنسية . كان تحت تصرّف مدينة ندرومة سبعة دواوير بني مير ،
بني مسهل ، السّواحلية ، زاوية. من الحوادث التي أقلت الشعب الجزائري ،
ومن ضمنه سكان مدينة ندرومة ونواحيها ، قضية التجنيد العسكري الإجباري ،
حيث أثار التجنيد الإجباري ضجّة كبيرة ووقعت مظاهر صاخبة يوم الخميس 25
أفريل 1912، وفي ليلة 21 ماي وقعت محاولة قتل قائد عرش جبالة . وقامت ضجّة
أخرى يوم الخميس 23 مارس ثار السّكان إثرها ، ونودي للجهاد في سبيل اللّه.
ولمعارضة
هذا التجنيد ، هاجر كثير من السّكان إلى الخارج ، وفرّوا إلى الجبال . فقد
أثارت هذه القضية مشاعر السّخط في كل أنحاء البلاد (1) ساءت الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية خلال العشرينات والثلاثينات والأربعينات.
وفي سنة 1932 : قام الإمام عبد الحميد بن باديس ، بجولة زار خلالها مدينة ندرومة والمدن المجاورة لها (2)
وقام
الشيخ البشير الإبراهيمي بزيارة إلى تلمسلن يوم الخميس من يبتمبر 1949م ،
وبات ليلة السّادس منه بندرومة ، ثم عاد إليها يوم 11 سبتمبر 1949م
لأفتتاح مدرسة "عبد المؤمن بن علي" التابعة لحركة جمعية العلماء وبهذه
المناسبة أقيم مهرجان كلّه بهجة وحماس : واسبشرا الأهالي بهذه المبادرة
الطيّبة ، واستقبلت الوفود بجمعية الآمال بحفاوة ، وكان لهذه المدرسة
الحرّة الأثر البالغ في تكوين الشباب وتثقيف وتهذيبه وتوعية الجماهير التي
أقفلت أبوابها للسّطات الإستعمارية يوم الأربعاء 7 مارس 1956 بأمر من عامل
العمالة ، إثر حادثة قتل وقت في ....... تميّزت فترة الخمسينات بظهور نشاط
إجتماعي وسياسي وثقافي ، فقامت الحركة الإصلاحية بدور فعّال في المساجد
والمدرسة الحرّة .
أحدثت يقظة وتوعية عن طريق التّدريس ، وإلقاء دروس الوعظ والإرشاد وبت الرّوح الوطنية ، وتوجيه الشعب توجيها عربيا إسلاميا وطنيا .
وقامت
حركة جمعية العلماء الطّرقيّة والإنحراف الدّيني : وأحدثت ضجّة كبيرة لدى
الطريقتين المتزمنين الذين أصبحوا من المنبوذين : وكانت عداوة حادة بين
الإصلاحيين والطرقيين.
وكان
مدير المدرسة الحرة الشيخ عبد الوهاب بن منصور ، من الرواد الدين ساهموا
في بعث اليقظة العربية الإسلامية عن طريق التّدريس في المدرسة والمسجد ،
فبدأت الأذهان تنفتح ، والعقول تبحث عن غداء جديد في الفكر الإسلامي .
ولعبت
الكشّافة الإسلامية دورا بارزا في تعليم الأبناء ، وتكوينهم تكوينا وطنيا
. فكانت الجمعية والكشفيّة تعلّم الأناشيد الوطنية الّتي تعرف بالشّخصية
الإسلامية ، وتحت عللى التّضحية وحبّ الوطن .
ولاشكّ
أن تلك الشبيبة الّتي تعلّمت في المدرسة الحرّة ، وتكونت في الكشافة
الإسلامية ، أنها كانت طليعة المجاهدين إبّان الثورة ، وهي من الإطارات
الساميين في الحكومة الجزائرية.
وزيادة
على الدّور الذي قامت به الحركة الإصلاحية والكشفية ، هناك الهيئات
والحركات السياسية التي كان لها الدور الهام في توعية الجماهير ، وبثّ
الرّوح النّظالية فيهم ، كانت توجد بالمدينة فرق من حركة إنتصار الحريّات
الدّيموقراطية (M.T.L.D) وفرّقمن حزب الإتّحاد الدّيموقراطي للبيان الجزائري (U.D.M.A) وفئات أخرى من هيئات سياسية مختلفة .
وهكذا
دبّ النشاط واليقظة خلال الخمسينات وتتغيّرت الأوضاع الإجتماعية وأصبحت
واعية بالأحداث ، تنتظر بفارغ الصّبر إندلاع الثورة التحريرية الكبرى.
القائد محمد- عدد المساهمات : 534
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 20/04/2011
34
الموقع : الجزائر
رد: مدينة ندرومة ونواحيها
ندرومة إبّان الثورة التحريرية:
بعد
تجربة النّضال السّياسي ، وبعد مرور مرحلة من النضج السياسي اتّضح للشّعب
أنّ الثورة المسلّحة هي الوسيلة الوحيدة لنيل الإستقلال والحريّة . يعتبر
قيام الثورة المسلّحة فاصلا تاريخيا هاما بين عهد الإستعباد وعهد الحرية
والكرامة .
كانت
مدينة ندرومة وقرارها على إستعداد ومهيئة لخوض غمار الثورة التحررية في
يوم 15 أكتوبر1953 ، بدأت بوادر العمل الثوري ، حيث صرع حاكم المدينة
بضربة عصا إلى الرأس وجرح شرطي وجمركي ، ووفعت مظاهرة ، صاخبة ألقي خلالها
القبض على خمسين شخصا ، وذلك في شهر فبراير 1954 ، واستمر النّضال سريّا
إلى اندلاع الثورة ، محدثنا عن بداية الكفاح في هذه الناحية ، أحد قادة
جيش التحرير بهذه المنطقة وهو الصاغ الأول السي رشيد ، أحمد المستغنيمي ،
أدلى بهذه المعلومات خلال الملتقى الأول لتاريخ الثورة.
يقول
: وبعد تقسيم المناطق ، جاء الأخ العربي بن مهيدي ، والأخ بو الصوف والحاج
بن علة ، ووقع الإتصال وسطرنا معهم خطّة العمل لتكوين خلايا عسكرية
وسياسية ، ومن حسن الحظّ وجدنا رجالا في تلك المرحلة تربطنا وإيّاهم روح
الثقة والكفاح . وهذه الخلايا توجد بعرش السّواحلية وبني منير وعرش جبالة
، ومسيردة ، مغنية وتلمسان ، وجبال سبدو وبلعبّاس ، وهذه الخلايا يشرف على
تدريب أعضائها ، الأخ الزماني الأخضر وحمدون ، وسليمان ، وفرطاس مصطفى ،
وبجبال تلمسان كان الأخ يحي ، وفراح وعمي بلحسن وجماعة أخرى من المناضيل :
ووقعت بهذه الأعمال وهذه المواقف في أوّل نوفمبر 1954 .
عمليات عديدة في غرب البلاد ... أمّا المناطق التي لم تعلن اإن
دلاع
مع أنّها منظّمة ومهيّأة للعمل غير أنّها تمّ فعل ذلك إمتثالا لأوامر
القيادة ولأسباب ضرورية حفاظا على طريق مرور الأسلحة الواردة عن طريق
المغرب ، وسهل لنا ذلك إدخال شحنة باخرة من سلاح أتتنا بمرسى كبودياوي
بالمغرب في شهر فبراير 1955 ، ولحسن الحظّ كان المجاهدون في إنتظارها
وكانت البلاد مهيّأة لإدخالها ، كما وقع عليها التدريب مدّة من الزّمن
الإنقضاض على العدوّ. وفي شهر جوان جاءتنا شحنة أخرى في المكان المذكور ،
ووقع تقسيمها في جبال ندرومة ، وجبال بلعبّاس ثمّ بعد ذلك وقع الهجوم على
العدوّ في 2 أكتوبر 1955 ، حيث هجم المجاهدون على حراية الليل وشن آخرون
هجوما على مركز عسكري على بعد خمس كلم
(5
كلم) عن ندرومة عللى جانب الطريق المؤدّي إلى مغنية في المزرعة التي كان
جيش الإستعمار مقيما بها وجرت هجومات أخرى على مزارع المعمرين في الأيام
الموالية.
وفي
شهر أكتوبر 1955 وقعت حملة تفتيّشية واسعة ، في حين سيدي عبد الرّحمن
الموجودة في جنوب البلدة : ألقي القبض خلالها على عدّة أشخاص.
في
السّابع نوفمبر 1955، جرت معركة بجبل زكري المطل على أراضي جبالة . وفي 19
فبراير 1956 وقعت عمليات ح الصبابنة ، فرّ عدد من الجنود الجزائريين إلى
صفوف جيش التحرير، وكبدوا خسائر في العتاد الذي أخدوه وأعطوه إلى
المجاهدين.
وفي
السابع مارس 1956 ، عند مرور عامل العمالة بمدينة ندرومة. تمّ إلقاء القبض
على عدّة شخصيات من جمعية العلماء ، ومن عمالة البلدية الممزوجة وفي يوم
الخميس 10 ماي 1956 ، وقعت حملة تفيتشية عبر المدينة ، لم ينجى منها أي
ساكن ، وحدثت عمليات للإرهاب والقمع إزاء الأهالي .
وفي
الخامس عشر جويلية سنة 1956 ، وقعت معركة أولى بجبل فلاوسن ، واستمرت طيلة
يومين ، كما جرت الإشتباكات والأعمال الفجائية في هذه المنطقة الجبلية
(أنظر سلسلة المجاهدين في 3 أجزاء).
ووقع
إشباك ألزجة في ناحية فلاوسن في أوائل أكتوبر 1956. ويوم الجمعة 30 نوفمبر
1956، تفجّرت قنبلتان في ندرومة بمسكن الربي جزيرة : وبمختبر محمد ميدون
قتل إثرها 26 موتى ، وأصيب 10 أشخاص بجروح.
وفي
بداية شهر جانفي 1957 : وقعت حملة تفتيشية في كهوف المنطقة ، وتعرّض سكان
المدينة ، إثر الإضراب الذي وقع في هذا الشهر عبر أنحاء الجزائر ، تعرّضوا
خلال هذا التفتيش إلى الزجر والقمع والسّجن .
وفي يوم الأحد 3 فبراير 1957 تفجرت قنبلتان في البلدة في بيت المعمّر ساهوت Sahut : وأخرى بمحطّة النفط لليهودي ليفي ، عدم بمفعولها وقتلى من اليهود وأصيب عدد بالجروح.
وفي 20 أفريل 1957 ، في العشرين من رمضان ، وقعت معركة فلاوسن تكبّد العدوّ هزيمة شنعاء .
وفي
يوم الإثنين 12 أوت 1957 شنّ العدوّ عملية إجرامية أطلق جيوشه من
السينغاليين نار شاشاتهم على جموع من النّاس في السّوق وعلى تلاميذ
المدرسة وهذه الجريمة : ذهب ضحيتها أكثر من خمسين منهم رجال ونساء وشيوخ
صبيان.
لم ينساها سكان ندرومة على مدى الدّهر ، وأصبحت تسمّى الملحمة العظمى بيوم سوق الإثنين بوهران.
بعد
هذه الجريمة فترة هدوء ، وبقيت نيران الثورة ملتهبة فيى الجبال ، والقرى ،
واستمرّت الإشتباكات في أولاد حسنة بوادي السباع وفي بداية جانفي 1957، في
زاوية سيدي بن عمر في فبراير 1957 ، ويوم 2 ماي في أولاد داود ، وفي 3 ماي
1957 في تاجرة ، ببني عابد ، وقد أصبحت على إثرها بجروح خطيرة.
وفي
سيدي سوفيان سيدي وارسوس ، يوم 22 جوان 1957 ، وبما أنّ هذه المنطقة ،
تمتدّ من الحدود المغربية إلى ولهاصة ، يعتبر موقعها إستراتيجية هامّة
جدّا لإنّها معبر للأسلحة والمعدّات ، وبوّابة لكل أنحاء القطر منها يدخل
الثوالر إلى الجزائر ويخرجوا إلى المغرب ، ولدى عرفت هذه المنطقة ضغوطا
وحصارا شديدا من طرف القواة الإستعمارية.
حيث شهدت إشتباكات دامية عديدة عند محاولة عبور الحدود المفروشة بالألغام، والأسلاك الشائكةالكهربائية التي تسمى بخط موريس (Morisse)
التي وضعت لعرقلة عبور المجاهدين ، وحصدت هذه الألغام العديد من الثّوار
الأبطال ، منهم الصاغ الثاني الحنصلي ورناقة – رحم اللّه الشّهداء الأبرار.
هكذا
يبدو لنا أن أبرز خصائص الثورة التحريرية أبعادها الشعبية ؛ فانظم فيها
مختلف فئات الشعب من فلاحين وعمال وشباب ونساء وأظم مجاهدي هذه المنطقة من
النواحي المجاورة ؛ ومن البلدة أثناء الثورة؛ ومنهم من كان يقطن بالمغرب
قبل 1954.
وكانت
مشاركة المرأة في النضال مشاركة فعالة؛ حيث استقبل جيش التحرير المرأة
المجاهدة بكل فخر واعتزاز؛ وعاملها باحترام وتقدير. وكانت توجد بالمحطة مجاهدة
أما
التي تعيش وسط سكان القرى فهي تقوم بمعالجة المدنيين؛ وكانت المجاهدة تؤدي
أدوارا إنسانية لتحسين وضع المجتمع الريفي؛ وقد شاركت مثل أخيها المجاهد
في الاشتباكات و المعارك؛ واستشهدت في سين الشرف، مثل الشهيدة عويشة الحاج
سليمان المدعوة فوزية.
ولعبت
المرأة الريفية دورا حاسما أثناء الثورة؛ فهي تتسم بالكرامة والجود
والشجاعة والروح الوطنية؛ كانت تقدم تأييدا مستمرا لجيش جبهة التحرير؛ حيث
أن الأخبار و الاتصالات و المأوى و التموين كانت تؤديها باستمرار إلى
الثوار. واستقبلت المجاهدات بكل ترحيب وبدون كلل أو ملل وتعرضت لقمع العدو
الفرنسي وللسجن و التعذيب و التقتيل؛ فما حزنت لرؤية ابنة الشهداء؛
وديارها المخربة، أثبتت صمودها أمام حرب الإبادة وأساليب التعذيب؛ وبقيت
تناضل إلى أن انتصرت البلاد من براثن الاستعمار وبقيت مدينة ندرومة مسرحا
للنشاط الثوري إلى أن استرجع الشعب الأبي استقلاله وعزته.
ــ الخاتمــــــــة:
نرى
مما سبق أن مدينة ندرومة وقراها، ساهمت بقسط وافر في النضال؛ كما ساهمت
عبر العصور في حوادث تاريخية معتبرة، عرفت خلالها صراعات واضطرابات؛
وازدهارا وانحطاطا؛ وعاشت في تغيرات منذ القدم إلى يومنا هذا.
إن
التطورات التي طرأت على هذه المدينة خلال الاحتلال الفرنسي وبعده في
الميادين الاقتصادية و الاجتماعية، كان لها الثر البالغ في اختلال التوازن
الذي نتجت عنه تغيرات وتحولات في المحتوى الإنساني ؛ وفي المستوى
الاقتصادي لاسيما الصناعة التقليدية؛ والتجارة و الفلاحة التي أصبحت تعاني
من انخفاض في الإنتاج ؛ وانخفاض في مستوى المعيشة وهذا راجع إلى انهيار
الحرف التقليدية التي يزقون منها.
التوازن
من ناحية السكان بصفة عامة؛ لأن موقع هذه المدينة قرب الحدود المغربية؛
وطبيعتها الجبلية؛ جعلتها مسرحا لمعارك عديدة؛ كانت معظم القرى عرضة
للتدمير و التخريب؛ وهكذا سجلت مدينة ندرومة منذ 1956 عدّة تحويلات
وانتقالات سكانية؛ حيث أن الكثير من العائلات الأصلية ألزمت التخلي عن
مدينتها للهجرة إلى المغرب؛ و المدن الجزائرية الكبرى بينما كان سكان
البوادي يندفعون أسرابا أسرابا إلى المدينة؛ ودام هذا النزوح الريفي من
سنة 1956 ــــ 1960؛ حيث عرفت ندرومة تزايد في السكان بـ 60% في سنة 1960. كانت المدينة تحتوي على 12501 نسمة حسب إحصائيات الجيش الفرنسي؛ منهم 1073 مغترب في فرنسا.
في
خمس سنوات ارتفع عدد السكان إلى 59696 ساكن؛ ونتج عن هذا الضغط، إكتضاض
السكان وزيادة كبيرة في كثافة السكان ؛ وانخفاض في مستوى المعيشة؛ حيث
تجاوز عدد الوفيات من 234 سنة 1956 إلى 330في سنة 1958 و 375 في سنة 1959.
بينما انخفض هذا العدد إلى 253 في سنة 1960؛ وفي هذه السنة نلاحظ نوع
الاستقرار؛ وفي سنة 1966؛ بدأت أهالي ندرومة ترجع إلى مسقط رأسها؛ وكثير
من سكان البوادي عادوا إلى قراهم. تقريبا أكثر من نصف السكان ليسوا من أصل
البلدة؛ وخلفوا العائلات الأصلية المهاجرة. يوجد 40% الذين هم من أصل ريفي؛ دخلوا إلى المدينة أثناء الهجرة التي وقعت من 1956ـــ 1960؛ منهم 35 % من بني منير؛ و 66% من حبالة و 36% من السواحليــــة و 33% من بني مسهل و 13% من النواحي المجاورة. وفي سنة 1977 أصبح عدد السكان يبلغ 21176 نسمة؛ وعدد سكان المدينة و حدها 13409 نسمة .
من
الملاحظ أن مدينة ندرومة التي تحملت أعباء ثقيلة؛ أثرت سلبا في تطويرها؛
هي اليوم تستعيد قواها ونشاطها؛ وتبذل مجهودات معتبرة لاسترجاع وجهها
الحقيقي الذي يتسم بالجمال؛ والألفــــــة و الهدوء و الأصالة العريقة و
هكذا يطيب فيها المقام،وتعود الحياة الهنيئة و الرفاهية...
ــ المــــــــــــــــراجع ــ
- اليعقوبي بن واضح: كتاب البلدان: ترجمة ديقاج، ليد ب 156 ص18
- البكري عبيد الله: المغرب في ذكر بلاد إفريقيا و المغرب.
- Al Bakri : description de l’Afrique traduction de deslane, Alger 1913.P80
- Al
idrissi, Mohamed Ech – charif : description de l’Afrique et de
l’Espagne ;Edition et traduction par de dozy et de gorje, leyde 1866. d
172-209
- الإدريسي محمد الشريف : نزهة المشتاق في اختراق الأفاق: ليد 1866
- Marmal : description général d’Alger : traduction de l’écrit d’Ablancourt, 3 tomes- Paris 1867
- Shaw : voyage de la région d’Alger : traduction mac arty. Paris 1830
- Canal :
Monographie, d’arrondissement à Tlemcen, Bulletin de la société
d’archiologie ; et de giographie d’Oran 1888, Tome 8. P 62-65
- Bassé René : Nédroma et le traras- Paris – 1901-P1-4-5-6-7
- Bel Alfred : Encyclopedis de l’Islam Tome 4
- Léon l’Africain : description de l’Afrique d’ouron schepler Paris 1898. Tome 3
- Piesse lowis : Itinéraire Historique et descriptif : l’Algérie com prénom le Tell et le sahara –Paris Hachette 1862, P 271-272
- L’abbes Barés : Histoir des Rois de Beni Zéyane, introduction Ettenessi-Paris 1882. P12
- Hadje Hamza Ben Rahal : Histoire de Nédroma.
- ابن أبي زرع محمد: روض القرطاس
- ابن
خلدون عبد الرحمن: كتاب العبر وديوان المبتدأ و الخبر في أيام العرب و
العجم و البربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر. الجزء السادس: بيروت ص
126- 267
- الميلي مبارك بن محمد الهلالي: تاريخ الجزائر في القديم و الحديث. الجزائر 1962 ص 19-22
- نفس المرجع ج: 2ص248- ص333- ص347
- السلاوي أحمد الناصري: الإستقصاء لأخبار دول المغرب القصى القاهرة 1304هـ -4ج.ج1 ص197
- René Basset : P22.23 P20.212-213 à218
- De Mouprise : six mois chez les traras de tour du monde 1889. 1trimestre P383
- Margais : george les chaires de la grande mosquée de Nédroma. Volume de 50 em
- ابن خلدون يحي: بغية الرواد في في ذكر ملوك من بني عبد الواد: مخطوط المكتبة الوطنية باريس رقم 5031
- نفس المرجع: تحقيق ألفريد بال: الجزائر جزءان. ط1 سنة 1903/ ط2 سنة 1910
- حاجيات عبد الحميد: أبو حمّو موسى الزياني، حياته وآثاره- الجزائر 1974 ص 91-73
- La mosquée d’Algerie : collection , Art et culture- juin 1970 P 17
- شرشل شارل هنري: حياة الأمير عبد القادر ترجمة عبد الله ابن قاسم الجزائر 1963. ص106
- نفس المرجع ص196
- L’echo d’Oran 24 mai 1912
- عبد الحميد بن باديس: حياته – آثاره – ج4 ص314
- المنظمة الوطنية للمجاهدين: الطريق إلى نوفمبر الج 3 ص97 وما بعدها
- محلة أول نوفمبر: عدد 39 – 1979- عدد خاص ص 24 وبعدها
- نفس المرجع ص36
- بركات أنيسة: نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
الفـــــــــــــــــهرس
ــ مقدمة:
1)- تاريخ تأسيس المدينة
2)- آراء حول أصل كلمة ندرومة
3)- ندرومة عبر التاريخ
أ- ندرومة في عهد المرابطين
ب- ندرومة في عهد الموحدين
ج- ندرومة في عهد بني مرين
د- ندرومة في عهد بني عبد الواد
هـ- ندرومة في عهد الاحتلال الفرنسي
و- ندرومة إبان عهد الثورة التحريرية
4)- الخاتمة
بعد
تجربة النّضال السّياسي ، وبعد مرور مرحلة من النضج السياسي اتّضح للشّعب
أنّ الثورة المسلّحة هي الوسيلة الوحيدة لنيل الإستقلال والحريّة . يعتبر
قيام الثورة المسلّحة فاصلا تاريخيا هاما بين عهد الإستعباد وعهد الحرية
والكرامة .
كانت
مدينة ندرومة وقرارها على إستعداد ومهيئة لخوض غمار الثورة التحررية في
يوم 15 أكتوبر1953 ، بدأت بوادر العمل الثوري ، حيث صرع حاكم المدينة
بضربة عصا إلى الرأس وجرح شرطي وجمركي ، ووفعت مظاهرة ، صاخبة ألقي خلالها
القبض على خمسين شخصا ، وذلك في شهر فبراير 1954 ، واستمر النّضال سريّا
إلى اندلاع الثورة ، محدثنا عن بداية الكفاح في هذه الناحية ، أحد قادة
جيش التحرير بهذه المنطقة وهو الصاغ الأول السي رشيد ، أحمد المستغنيمي ،
أدلى بهذه المعلومات خلال الملتقى الأول لتاريخ الثورة.
يقول
: وبعد تقسيم المناطق ، جاء الأخ العربي بن مهيدي ، والأخ بو الصوف والحاج
بن علة ، ووقع الإتصال وسطرنا معهم خطّة العمل لتكوين خلايا عسكرية
وسياسية ، ومن حسن الحظّ وجدنا رجالا في تلك المرحلة تربطنا وإيّاهم روح
الثقة والكفاح . وهذه الخلايا توجد بعرش السّواحلية وبني منير وعرش جبالة
، ومسيردة ، مغنية وتلمسان ، وجبال سبدو وبلعبّاس ، وهذه الخلايا يشرف على
تدريب أعضائها ، الأخ الزماني الأخضر وحمدون ، وسليمان ، وفرطاس مصطفى ،
وبجبال تلمسان كان الأخ يحي ، وفراح وعمي بلحسن وجماعة أخرى من المناضيل :
ووقعت بهذه الأعمال وهذه المواقف في أوّل نوفمبر 1954 .
عمليات عديدة في غرب البلاد ... أمّا المناطق التي لم تعلن اإن
دلاع
مع أنّها منظّمة ومهيّأة للعمل غير أنّها تمّ فعل ذلك إمتثالا لأوامر
القيادة ولأسباب ضرورية حفاظا على طريق مرور الأسلحة الواردة عن طريق
المغرب ، وسهل لنا ذلك إدخال شحنة باخرة من سلاح أتتنا بمرسى كبودياوي
بالمغرب في شهر فبراير 1955 ، ولحسن الحظّ كان المجاهدون في إنتظارها
وكانت البلاد مهيّأة لإدخالها ، كما وقع عليها التدريب مدّة من الزّمن
الإنقضاض على العدوّ. وفي شهر جوان جاءتنا شحنة أخرى في المكان المذكور ،
ووقع تقسيمها في جبال ندرومة ، وجبال بلعبّاس ثمّ بعد ذلك وقع الهجوم على
العدوّ في 2 أكتوبر 1955 ، حيث هجم المجاهدون على حراية الليل وشن آخرون
هجوما على مركز عسكري على بعد خمس كلم
(5
كلم) عن ندرومة عللى جانب الطريق المؤدّي إلى مغنية في المزرعة التي كان
جيش الإستعمار مقيما بها وجرت هجومات أخرى على مزارع المعمرين في الأيام
الموالية.
وفي
شهر أكتوبر 1955 وقعت حملة تفتيّشية واسعة ، في حين سيدي عبد الرّحمن
الموجودة في جنوب البلدة : ألقي القبض خلالها على عدّة أشخاص.
في
السّابع نوفمبر 1955، جرت معركة بجبل زكري المطل على أراضي جبالة . وفي 19
فبراير 1956 وقعت عمليات ح الصبابنة ، فرّ عدد من الجنود الجزائريين إلى
صفوف جيش التحرير، وكبدوا خسائر في العتاد الذي أخدوه وأعطوه إلى
المجاهدين.
وفي
السابع مارس 1956 ، عند مرور عامل العمالة بمدينة ندرومة. تمّ إلقاء القبض
على عدّة شخصيات من جمعية العلماء ، ومن عمالة البلدية الممزوجة وفي يوم
الخميس 10 ماي 1956 ، وقعت حملة تفيتشية عبر المدينة ، لم ينجى منها أي
ساكن ، وحدثت عمليات للإرهاب والقمع إزاء الأهالي .
وفي
الخامس عشر جويلية سنة 1956 ، وقعت معركة أولى بجبل فلاوسن ، واستمرت طيلة
يومين ، كما جرت الإشتباكات والأعمال الفجائية في هذه المنطقة الجبلية
(أنظر سلسلة المجاهدين في 3 أجزاء).
ووقع
إشباك ألزجة في ناحية فلاوسن في أوائل أكتوبر 1956. ويوم الجمعة 30 نوفمبر
1956، تفجّرت قنبلتان في ندرومة بمسكن الربي جزيرة : وبمختبر محمد ميدون
قتل إثرها 26 موتى ، وأصيب 10 أشخاص بجروح.
وفي
بداية شهر جانفي 1957 : وقعت حملة تفتيشية في كهوف المنطقة ، وتعرّض سكان
المدينة ، إثر الإضراب الذي وقع في هذا الشهر عبر أنحاء الجزائر ، تعرّضوا
خلال هذا التفتيش إلى الزجر والقمع والسّجن .
وفي يوم الأحد 3 فبراير 1957 تفجرت قنبلتان في البلدة في بيت المعمّر ساهوت Sahut : وأخرى بمحطّة النفط لليهودي ليفي ، عدم بمفعولها وقتلى من اليهود وأصيب عدد بالجروح.
وفي 20 أفريل 1957 ، في العشرين من رمضان ، وقعت معركة فلاوسن تكبّد العدوّ هزيمة شنعاء .
وفي
يوم الإثنين 12 أوت 1957 شنّ العدوّ عملية إجرامية أطلق جيوشه من
السينغاليين نار شاشاتهم على جموع من النّاس في السّوق وعلى تلاميذ
المدرسة وهذه الجريمة : ذهب ضحيتها أكثر من خمسين منهم رجال ونساء وشيوخ
صبيان.
لم ينساها سكان ندرومة على مدى الدّهر ، وأصبحت تسمّى الملحمة العظمى بيوم سوق الإثنين بوهران.
بعد
هذه الجريمة فترة هدوء ، وبقيت نيران الثورة ملتهبة فيى الجبال ، والقرى ،
واستمرّت الإشتباكات في أولاد حسنة بوادي السباع وفي بداية جانفي 1957، في
زاوية سيدي بن عمر في فبراير 1957 ، ويوم 2 ماي في أولاد داود ، وفي 3 ماي
1957 في تاجرة ، ببني عابد ، وقد أصبحت على إثرها بجروح خطيرة.
وفي
سيدي سوفيان سيدي وارسوس ، يوم 22 جوان 1957 ، وبما أنّ هذه المنطقة ،
تمتدّ من الحدود المغربية إلى ولهاصة ، يعتبر موقعها إستراتيجية هامّة
جدّا لإنّها معبر للأسلحة والمعدّات ، وبوّابة لكل أنحاء القطر منها يدخل
الثوالر إلى الجزائر ويخرجوا إلى المغرب ، ولدى عرفت هذه المنطقة ضغوطا
وحصارا شديدا من طرف القواة الإستعمارية.
حيث شهدت إشتباكات دامية عديدة عند محاولة عبور الحدود المفروشة بالألغام، والأسلاك الشائكةالكهربائية التي تسمى بخط موريس (Morisse)
التي وضعت لعرقلة عبور المجاهدين ، وحصدت هذه الألغام العديد من الثّوار
الأبطال ، منهم الصاغ الثاني الحنصلي ورناقة – رحم اللّه الشّهداء الأبرار.
هكذا
يبدو لنا أن أبرز خصائص الثورة التحريرية أبعادها الشعبية ؛ فانظم فيها
مختلف فئات الشعب من فلاحين وعمال وشباب ونساء وأظم مجاهدي هذه المنطقة من
النواحي المجاورة ؛ ومن البلدة أثناء الثورة؛ ومنهم من كان يقطن بالمغرب
قبل 1954.
وكانت
مشاركة المرأة في النضال مشاركة فعالة؛ حيث استقبل جيش التحرير المرأة
المجاهدة بكل فخر واعتزاز؛ وعاملها باحترام وتقدير. وكانت توجد بالمحطة مجاهدة
أما
التي تعيش وسط سكان القرى فهي تقوم بمعالجة المدنيين؛ وكانت المجاهدة تؤدي
أدوارا إنسانية لتحسين وضع المجتمع الريفي؛ وقد شاركت مثل أخيها المجاهد
في الاشتباكات و المعارك؛ واستشهدت في سين الشرف، مثل الشهيدة عويشة الحاج
سليمان المدعوة فوزية.
ولعبت
المرأة الريفية دورا حاسما أثناء الثورة؛ فهي تتسم بالكرامة والجود
والشجاعة والروح الوطنية؛ كانت تقدم تأييدا مستمرا لجيش جبهة التحرير؛ حيث
أن الأخبار و الاتصالات و المأوى و التموين كانت تؤديها باستمرار إلى
الثوار. واستقبلت المجاهدات بكل ترحيب وبدون كلل أو ملل وتعرضت لقمع العدو
الفرنسي وللسجن و التعذيب و التقتيل؛ فما حزنت لرؤية ابنة الشهداء؛
وديارها المخربة، أثبتت صمودها أمام حرب الإبادة وأساليب التعذيب؛ وبقيت
تناضل إلى أن انتصرت البلاد من براثن الاستعمار وبقيت مدينة ندرومة مسرحا
للنشاط الثوري إلى أن استرجع الشعب الأبي استقلاله وعزته.
ــ الخاتمــــــــة:
نرى
مما سبق أن مدينة ندرومة وقراها، ساهمت بقسط وافر في النضال؛ كما ساهمت
عبر العصور في حوادث تاريخية معتبرة، عرفت خلالها صراعات واضطرابات؛
وازدهارا وانحطاطا؛ وعاشت في تغيرات منذ القدم إلى يومنا هذا.
إن
التطورات التي طرأت على هذه المدينة خلال الاحتلال الفرنسي وبعده في
الميادين الاقتصادية و الاجتماعية، كان لها الثر البالغ في اختلال التوازن
الذي نتجت عنه تغيرات وتحولات في المحتوى الإنساني ؛ وفي المستوى
الاقتصادي لاسيما الصناعة التقليدية؛ والتجارة و الفلاحة التي أصبحت تعاني
من انخفاض في الإنتاج ؛ وانخفاض في مستوى المعيشة وهذا راجع إلى انهيار
الحرف التقليدية التي يزقون منها.
التوازن
من ناحية السكان بصفة عامة؛ لأن موقع هذه المدينة قرب الحدود المغربية؛
وطبيعتها الجبلية؛ جعلتها مسرحا لمعارك عديدة؛ كانت معظم القرى عرضة
للتدمير و التخريب؛ وهكذا سجلت مدينة ندرومة منذ 1956 عدّة تحويلات
وانتقالات سكانية؛ حيث أن الكثير من العائلات الأصلية ألزمت التخلي عن
مدينتها للهجرة إلى المغرب؛ و المدن الجزائرية الكبرى بينما كان سكان
البوادي يندفعون أسرابا أسرابا إلى المدينة؛ ودام هذا النزوح الريفي من
سنة 1956 ــــ 1960؛ حيث عرفت ندرومة تزايد في السكان بـ 60% في سنة 1960. كانت المدينة تحتوي على 12501 نسمة حسب إحصائيات الجيش الفرنسي؛ منهم 1073 مغترب في فرنسا.
في
خمس سنوات ارتفع عدد السكان إلى 59696 ساكن؛ ونتج عن هذا الضغط، إكتضاض
السكان وزيادة كبيرة في كثافة السكان ؛ وانخفاض في مستوى المعيشة؛ حيث
تجاوز عدد الوفيات من 234 سنة 1956 إلى 330في سنة 1958 و 375 في سنة 1959.
بينما انخفض هذا العدد إلى 253 في سنة 1960؛ وفي هذه السنة نلاحظ نوع
الاستقرار؛ وفي سنة 1966؛ بدأت أهالي ندرومة ترجع إلى مسقط رأسها؛ وكثير
من سكان البوادي عادوا إلى قراهم. تقريبا أكثر من نصف السكان ليسوا من أصل
البلدة؛ وخلفوا العائلات الأصلية المهاجرة. يوجد 40% الذين هم من أصل ريفي؛ دخلوا إلى المدينة أثناء الهجرة التي وقعت من 1956ـــ 1960؛ منهم 35 % من بني منير؛ و 66% من حبالة و 36% من السواحليــــة و 33% من بني مسهل و 13% من النواحي المجاورة. وفي سنة 1977 أصبح عدد السكان يبلغ 21176 نسمة؛ وعدد سكان المدينة و حدها 13409 نسمة .
من
الملاحظ أن مدينة ندرومة التي تحملت أعباء ثقيلة؛ أثرت سلبا في تطويرها؛
هي اليوم تستعيد قواها ونشاطها؛ وتبذل مجهودات معتبرة لاسترجاع وجهها
الحقيقي الذي يتسم بالجمال؛ والألفــــــة و الهدوء و الأصالة العريقة و
هكذا يطيب فيها المقام،وتعود الحياة الهنيئة و الرفاهية...
ــ المــــــــــــــــراجع ــ
- اليعقوبي بن واضح: كتاب البلدان: ترجمة ديقاج، ليد ب 156 ص18
- البكري عبيد الله: المغرب في ذكر بلاد إفريقيا و المغرب.
- Al Bakri : description de l’Afrique traduction de deslane, Alger 1913.P80
- Al
idrissi, Mohamed Ech – charif : description de l’Afrique et de
l’Espagne ;Edition et traduction par de dozy et de gorje, leyde 1866. d
172-209
- الإدريسي محمد الشريف : نزهة المشتاق في اختراق الأفاق: ليد 1866
- Marmal : description général d’Alger : traduction de l’écrit d’Ablancourt, 3 tomes- Paris 1867
- Shaw : voyage de la région d’Alger : traduction mac arty. Paris 1830
- Canal :
Monographie, d’arrondissement à Tlemcen, Bulletin de la société
d’archiologie ; et de giographie d’Oran 1888, Tome 8. P 62-65
- Bassé René : Nédroma et le traras- Paris – 1901-P1-4-5-6-7
- Bel Alfred : Encyclopedis de l’Islam Tome 4
- Léon l’Africain : description de l’Afrique d’ouron schepler Paris 1898. Tome 3
- Piesse lowis : Itinéraire Historique et descriptif : l’Algérie com prénom le Tell et le sahara –Paris Hachette 1862, P 271-272
- L’abbes Barés : Histoir des Rois de Beni Zéyane, introduction Ettenessi-Paris 1882. P12
- Hadje Hamza Ben Rahal : Histoire de Nédroma.
- ابن أبي زرع محمد: روض القرطاس
- ابن
خلدون عبد الرحمن: كتاب العبر وديوان المبتدأ و الخبر في أيام العرب و
العجم و البربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر. الجزء السادس: بيروت ص
126- 267
- الميلي مبارك بن محمد الهلالي: تاريخ الجزائر في القديم و الحديث. الجزائر 1962 ص 19-22
- نفس المرجع ج: 2ص248- ص333- ص347
- السلاوي أحمد الناصري: الإستقصاء لأخبار دول المغرب القصى القاهرة 1304هـ -4ج.ج1 ص197
- René Basset : P22.23 P20.212-213 à218
- De Mouprise : six mois chez les traras de tour du monde 1889. 1trimestre P383
- Margais : george les chaires de la grande mosquée de Nédroma. Volume de 50 em
- ابن خلدون يحي: بغية الرواد في في ذكر ملوك من بني عبد الواد: مخطوط المكتبة الوطنية باريس رقم 5031
- نفس المرجع: تحقيق ألفريد بال: الجزائر جزءان. ط1 سنة 1903/ ط2 سنة 1910
- حاجيات عبد الحميد: أبو حمّو موسى الزياني، حياته وآثاره- الجزائر 1974 ص 91-73
- La mosquée d’Algerie : collection , Art et culture- juin 1970 P 17
- شرشل شارل هنري: حياة الأمير عبد القادر ترجمة عبد الله ابن قاسم الجزائر 1963. ص106
- نفس المرجع ص196
- L’echo d’Oran 24 mai 1912
- عبد الحميد بن باديس: حياته – آثاره – ج4 ص314
- المنظمة الوطنية للمجاهدين: الطريق إلى نوفمبر الج 3 ص97 وما بعدها
- محلة أول نوفمبر: عدد 39 – 1979- عدد خاص ص 24 وبعدها
- نفس المرجع ص36
- بركات أنيسة: نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
الفـــــــــــــــــهرس
ــ مقدمة:
1)- تاريخ تأسيس المدينة
2)- آراء حول أصل كلمة ندرومة
3)- ندرومة عبر التاريخ
أ- ندرومة في عهد المرابطين
ب- ندرومة في عهد الموحدين
ج- ندرومة في عهد بني مرين
د- ندرومة في عهد بني عبد الواد
هـ- ندرومة في عهد الاحتلال الفرنسي
و- ندرومة إبان عهد الثورة التحريرية
4)- الخاتمة
القائد محمد- عدد المساهمات : 534
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 20/04/2011
34
الموقع : الجزائر
مواضيع مماثلة
» مدينة ندرومة
» آثار مدينة ندرومة
» مدينة ندرومة عبر العصورج2
» مدينة ندرومة عبر العصورج3
» نبذة عن تاريخ مدينة ندرومة
» آثار مدينة ندرومة
» مدينة ندرومة عبر العصورج2
» مدينة ندرومة عبر العصورج3
» نبذة عن تاريخ مدينة ندرومة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى